أخبار العالم

صدام حاد في بريطانيا حول مستقبل الطاقة وسط انتقادات لاذعة للسياسات الحالية

تشهد الساحة السياسية في المملكة المتحدة احتدامًا متزايدًا حول توجهات الحكومة في ملف الطاقة، حيث تصاعدت حدة الانتقادات لسياسات يُنظر إليها على نطاق واسع بأنها تعارض التقدم العلمي وتهدد فرص العمل وتعرقل مستقبل البلاد البيئي. هذا التوتر يأتي في وقت بالغ الحساسية، إذ تواجه بريطانيا تحديات مركبة تتعلق بأمن الطاقة، وأزمة مناخية تتطلب تحولات جذرية في السياسات العامة.

في قلب هذا الجدل، يبرز انقسام واضح بين التوجهات الحكومية الحالية ومطالب العديد من النواب والخبراء البيئيين الذين يرون أن السياسات المعتمدة تفتقر إلى الرؤية الاستراتيجية اللازمة لمواجهة تغير المناخ وتعزيز الابتكار في مجال الطاقة النظيفة. ويتركز الاعتراض أساسًا على تراجع بعض المبادرات التي كانت تهدف إلى دعم مشاريع الطاقة المتجددة، واستمرار الاعتماد على مصادر طاقة تقليدية رغم ما تسببه من أضرار بيئية.

وتشير التحليلات إلى أن تقييد الاستثمار في تقنيات الطاقة المتجددة قد تكون له انعكاسات سلبية مباشرة، ليس فقط على البيئة، بل كذلك على الاقتصاد الوطني وفرص التوظيف في قطاعات ناشئة كان من الممكن أن تسهم في خلق آلاف الوظائف المستدامة. كما يرى المراقبون أن التخلي عن السياسات الداعمة للابتكار البيئي سيضعف من قدرة بريطانيا على المنافسة في السوق العالمية المتجهة بسرعة نحو الطاقة النظيفة.

وقد عبّر عدد من النواب في البرلمان البريطاني عن قلقهم العميق إزاء ما وصفوه بـ”الانتكاسة المناخية”، محذرين من أن الخطوات الحالية قد تُفقد البلاد مكانتها كمحرك للابتكار البيئي على المستوى الأوروبي والدولي. ويرون أن هناك حاجة ملحة لإعادة توجيه الدعم نحو تطوير تقنيات جديدة مثل احتجاز الكربون، والوقود الحيوي، والطاقة الشمسية والرياح، والتي تُعد عناصر حيوية في مساعي تقليل الانبعاثات وتحقيق أهداف الحياد الكربوني بحلول عام 2050.

في المقابل، تدافع الحكومة عن سياساتها باعتبارها توازنًا ضروريًا بين الحاجة إلى أمن الطاقة والتكلفة الاقتصادية للمواطنين، لا سيما في ظل الاضطرابات التي تشهدها أسواق الطاقة العالمية. غير أن هذا الطرح لم يقنع شريحة كبيرة من المختصين الذين يشددون على أن تجاهل البعد البيئي في القرارات الاستراتيجية سيؤدي إلى أضرار أكبر على المدى الطويل، سواء على المستوى الصحي أو الاقتصادي.

ويرى مراقبون أن النقاش الحالي قد يكون نقطة تحول في رسم سياسة الطاقة البريطانية، إذ تتصاعد الدعوات لإعادة النظر في الخطة الوطنية للطاقة لتكون أكثر انسجامًا مع المعايير العلمية والتزامات المناخ. كما أن المطالبة بزيادة التمويل الحكومي للأبحاث والتطوير في مجالات الطاقة النظيفة باتت تتردد على لسان مختلف الأطياف السياسية، في مؤشر على تحول الخطاب السياسي نحو مزيد من التركيز على الاستدامة.

في ظل هذا الواقع، يبقى السؤال مطروحًا: هل ستُراجع بريطانيا مسارها الحالي لتتبنى سياسات أكثر توافقًا مع التحولات العالمية في الطاقة؟ أم أن الحسابات السياسية الآنية ستستمر في التأثير على قرارات مصيرية تمس مستقبل الأجيال القادمة؟

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى