إزالة كوبري المندورة بالإسكندرية ضمن خطة شاملة لتطوير النقل الحضري بدون توفير بدائل مرورية

شرعت الهيئة القومية للأنفاق في مدينة الإسكندرية خلال الأشهر الماضية في تنفيذ واحدة من أبرز عمليات إعادة هيكلة البنية التحتية المرورية، تمثلت في إزالة كوبري قديم بمنطقة المندرة شرق المدينة، ضمن أعمال تطوير موسعة تهدف إلى تمهيد الطريق أمام تنفيذ مشروع مترو الأنفاق الجديد الذي يربط منطقة أبو قير بوسط الإسكندرية.
ويأتي هذا التحرك كجزء من مرحلة أولى لمشروع نقل استراتيجي يعكس توجه الدولة لتحسين شبكة المواصلات في ثاني أكبر المدن المصرية. ويستهدف المشروع إنشاء مسار مترو أنفاق يمتد لمسافة تقارب 22 كيلومترًا، ويمر عبر نحو 20 محطة تربط بين الأحياء السكنية الحيوية ومراكز النشاط التجاري في المدينة، لتلبية احتياجات أكثر من 8 ملايين نسمة يقيمون بالإسكندرية وضواحيها.
عملية الإزالة في المندرة.. بين الحاجة والتحفّظ
الكوبري الذي تمت إزالته كان يقع في منطقة تعاني أصلًا من ضغط مروري مرتفع، وقد تم التخطيط لهدمه بعد التأكد من توافر بدائل مرورية مؤقتة. ووفق الخطة التنفيذية، تم إنشاء طريق بديل بشكل جزئي أولًا لضمان استمرار حركة المرور، ثم شرعت الجهات المختصة في تفكيك الكوبري تدريجيًا بداية من الجهة الشرقية، مع نقل المرافق والخدمات من نطاق العمل، بما فيها أعمدة الإنارة والعلامات الإرشادية وبعض مكونات البنية التحتية السطحية.
واستُكملت إزالة الجزء الأكبر من الكوبري بحلول مطلع يوليو 2025، في الوقت الذي تتواصل فيه أعمال تسوية الأرض ووضع طبقات الأساس اللازمة لتجهيز الطريق الجديد، الذي سيُستخدم لاحقًا كمحور داعم لحركة المركبات أثناء إنشاء محطة المترو في نفس المنطقة.
أهداف المشروع.. تحوّل استراتيجي في النقل العام
يمثل مشروع مترو أبو قير أحد المحاور الأساسية في خطة تطوير النقل الحضري في الإسكندرية. إذ من المخطط أن يعمل المترو بسرعة تشغيلية تصل إلى 80 كيلومترًا في الساعة، ويعتمد على تقنيات حديثة لتحسين كفاءة التنقل وتقليل زمن الرحلات اليومية. ويُتوقع أن يخفف من الضغط على شبكة المواصلات السطحية التقليدية، مثل الميكروباصات والحافلات، التي تعاني من التكدس وضعف الكفاءة.
بالإضافة إلى ذلك، يُفترض أن يؤدي المشروع إلى تقليل معدلات الانبعاثات الضارة الناجمة عن حركة المركبات، ويسهم في تحسين نوعية الهواء في المدينة الساحلية، كما يهدف إلى تعزيز الربط بين شرق وغرب المحافظة، وتيسير الوصول إلى الميناء والمناطق التجارية والصناعية.
التحديات الواقعية.. بين تعطيل مرحلي ومخاوف محلية
رغم أهمية المشروع، أثارت عملية الهدم بعض القلق بين سكان المندرة والمناطق المجاورة، بسبب التخوف من تعطل الحركة المرورية، خاصة في ظل الكثافة السكانية المرتفعة في هذه الأحياء. كما أبدى بعض الأهالي تحفظًا على توقيت التنفيذ، نظرًا لتزامنه مع ذروة الموسم الصيفي الذي يشهد فيه الكورنيش حركة مرورية مكثفة.
ولم تخلُ المرحلة الحالية من تحديات تقنية تتعلق بتنسيق المرافق المختلفة في المنطقة مثل خطوط المياه والكهرباء والصرف، حيث تطلب المشروع إجراء تعديلات متزامنة على البنية التحتية الخدمية، لضمان عدم تعطلها خلال عملية الهدم والإنشاء.
رؤية مستقبلية وشبكة أوسع
تعتبر هذه المرحلة جزءًا من مشروع أوسع يشمل إعادة هيكلة منظومة النقل في الإسكندرية على مراحل متتالية، بحيث تتكامل شبكة المترو المرتقبة مع خطوط الترام الحالي ووسائل النقل الجماعي الأخرى. ومن المنتظر أن تُستكمل أعمال المرحلة الأولى من المشروع قبل حلول النصف الثاني من عام 2026، مع وضع خطة لتوسيع الشبكة مستقبلاً لتشمل مناطق جديدة.