تدهور خطير في أوضاع سجن بدر يؤدي إلى موجة انتحارات بين السجناء

شهد سجن بدر شديد الحراسة شرق العاصمة المصرية القاهرة موجة غير مسبوقة من محاولات الانتحار بين المحتجزين خلال الأسابيع الأخيرة وسط تحذيرات حقوقية من أن تدهور الأوضاع داخل المنشأة بلغ مستويات تهدد حياة السجناء بشكل مباشر
ووفقًا لتقارير منظمات حقوق الإنسان فقد حاول 15 سجينًا الانتحار خلال فترة لا تتجاوز أسبوعين في مؤشر مقلق يعكس حجم المعاناة داخل هذا المجمع الإصلاحي الذي سبق أن أثار انتقادات واسعة بسبب الانتهاكات الجسيمة التي يتعرض لها نزلاؤه
المنظمة الحقوقية المعنية برصد أوضاع السجون أكدت أن هذه المحاولات لا تشكل حوادث فردية بل هي نتيجة مباشرة لسياسات ممنهجة تهدف إلى تفكيك إرادة السجناء نفسيًا وجسديًا من خلال العزل المطول وحرمانهم من أبسط الحقوق مثل الرعاية الصحية والزيارات العائلية
في إحدى جلسات المحاكمة الأخيرة أقدم أحد السجناء على محاولة الانتحار داخل القفص الزجاجي أثناء نظر قضيته وسط تجاهل تام من هيئة المحكمة التي لم تتخذ أي إجراء طبي عاجل ولم تُحِل السجين إلى المستشفى وهو ما أثار استياء واسعًا من المتابعين الحقوقيين الذين وصفوا الأمر بأنه انهيار خطير في أبجديات العدالة والإنسانية
تشير إفادات أخرى من داخل السجن إلى أن عددًا من السجناء أبلغوا المحكمة سابقًا بنيتهم الانتحار احتجاجًا على سوء المعاملة لكن هذه النداءات لم تلق أي استجابة كما لم يتم فتح أي تحقيقات مستقلة بشأن أوضاعهم مما يعزز الشكوك حول تورط منهجي في التغطية على ما يحدث داخل أسوار السجن
سجن بدر الذي يضم عددًا كبيرًا من المعتقلين السياسيين يعاني من ظروف احتجاز قاسية أبرزها الحبس الانفرادي الطويل وانعدام التهوية والتعرض المستمر للضوء الصناعي فضلًا عن انقطاع الكهرباء لعدة أيام في أوقات تشهد ارتفاعًا كبيرًا في درجات الحرارة
مصادر حقوقية أكدت أن غالبية الوفيات التي سُجلت في السجون المصرية منذ بداية عام 2025 وقعت داخل سجن بدر تحديدًا وأن أكثر من 80 في المئة من هؤلاء الضحايا كانوا معتقلين سياسيين ماتوا نتيجة للإهمال الطبي المتعمد
حالات الإضراب عن الطعام عادت إلى الواجهة مرة أخرى في يونيو الماضي مع دخول عدد من السجناء في إضراب مفتوح احتجاجًا على التدهور الصحي وغياب الاستجابة الطبية ما أدى إلى زيادة في حالات فقدان الوعي والغيبوبة الناتجة عن مضاعفات السكري وأمراض أخرى
المعلومات المسربة من أهالي بعض المعتقلين كشفت عن تفاصيل صادمة تتعلق بالعزلة الكاملة المفروضة على السجناء لسنوات طويلة دون السماح بأي تواصل إنساني حتى أثناء جلسات المحاكمة التي يُوضع فيها المتهمون داخل أقفاص زجاجية عازلة للصوت ما يمنع أي فرصة للتعبير أو الدفاع
أحد المعتقلين أمضى عشر سنوات كاملة دون أن يرى عائلته أو يسمع صوتها بعد أن تم نقله إلى بدر عقب اعتقاله إثر أحداث سياسية شهدتها البلاد عام 2013 حيث تعرض للضرب والتعذيب عند مطالبته برعاية طبية إثر إصابات خطيرة ثم وُضع في زنزانة تأديبية وهو ينزف
الوضع داخل سجن بدر يعكس نموذجًا موسعًا لأزمة حقوقية متصاعدة في منظومة السجون المصرية التي تُتهم بغياب الرقابة والمحاسبة وبتجاهل الالتزامات القانونية والدولية المتعلقة بحقوق المحتجزين ما يجعل الأزمة مرشحة للتفاقم ما لم يحدث تدخل عاجل وشفاف يعيد الاعتبار للكرامة الإنسانية ويضع حدًا لسلسلة الانتهاكات المتكررة