ثقافة وتاريخ

تكريم كوكب الشرق بمهرجان أفينيون الفرنسي وسط عروض موسيقية عالمية

شهد مهرجان أفينيون الدولي في فرنسا واحدة من أبرز الفعاليات الثقافية هذا الصيف حيث خُصصت احتفالية فنية استثنائية لتكريم أيقونة الطرب العربي أم كلثوم ضمن برنامج متكامل مزج بين الأصالة والتجريب الموسيقي واحتفى بجوانب مختلفة من إرثها الفني العابر للزمن والجغرافيا

الفعالية التي أقيمت في أحد أبرز الفضاءات المسرحية داخل المهرجان جمعت بين عروض موسيقية معاصرة استلهمت من أغاني كوكب الشرق وأساليب أدائها وتضمنت أعمالًا إبداعية قدمها فنانون من خلفيات متعددة مما أضفى على الحدث طابعًا عالميًا يتجاوز البعد الاحتفائي إلى مقاربة فنية جديدة لواحدة من أعظم أيقونات الغناء في القرن العشرين

العروض التي تم تقديمها لم تكن مجرد استعادة كلاسيكية للأغاني بل جاءت بتوليفات موسيقية معاصرة ربطت بين الإرث الطربي العربي الأصيل والمدارس الفنية الحديثة وهو ما لفت انتباه جمهور متنوع جاء من مختلف دول أوروبا والعالم العربي للاستمتاع بإرث أم كلثوم بعيون جديدة وتجارب صوتية غير تقليدية

ويأتي هذا التكريم في سياق تزايد الاهتمام العالمي برموز الثقافة العربية وإعادة تقديمها داخل الفضاءات الثقافية الدولية برؤية تتجاوز التوثيق التاريخي نحو إعادة قراءة الموروث الفني في ضوء الحساسيات الفنية المعاصرة حيث يعتبر مهرجان أفينيون أحد أهم المنصات الثقافية في أوروبا التي تحتفي بالتنوع الإبداعي وتفسح المجال لتجارب ثقافية من مختلف العالم

الحدث أعاد إلى الواجهة الدور الثقافي الذي لعبته أم كلثوم في تشكيل وجدان أجيال من المستمعين داخل العالم العربي وخارجه حيث باتت أغانيها تمثل جسرا للتواصل الفني بين الثقافات وتُدرّس أعمالها في عدد من المعاهد الموسيقية العالمية كمثال على قوة التعبير الموسيقي والإبداع الشرقي الأصيل

كما سلطت الاحتفالية الضوء على أهمية إعادة اكتشاف التراث الفني العربي من خلال مقاربات فنية جديدة تعيد تقديمه لجمهور عالمي لا يكتفي بالتوثيق بل يبحث عن تجارب حية تتفاعل مع الحاضر وتغني المشهد الثقافي العالمي

ويأتي هذا التوجه الثقافي في ظل تصاعد الاهتمام الأوروبي بالفنون القادمة من خارج المركز الغربي التقليدي ما يعكس تحولا في الذوق العام والسياسات الثقافية نحو مزيد من الانفتاح والتعددية ويدفع بالمؤسسات الفنية الكبرى إلى دمج رموز الثقافة العربية في برامجها كمساهمة في تعزيز الحوار الثقافي بين الشعوب

وبهذا يثبت مهرجان أفينيون مرة أخرى موقعه الريادي كمنصة للتلاقي الفني والابتكار الثقافي حيث تحولت احتفالية تكريم أم كلثوم من مجرد عرض فني إلى حدث ثقافي عابر للحدود يؤكد أن صوت كوكب الشرق لا يزال حاضرًا بقوة في ذاكرة الشعوب وأن إرثها لا يزال يُلهم الأجيال الجديدة من الفنانين عبر العالم

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى