مقالات وآراء

د.محمد عماد صابر يكتب: سوريا في مرمى التقسيم الناعم!

تعيش سوريا لحظة فارقة في مسار تفكيك الدولة المركزية، حيث تتقاطع الأجندات الدولية– لا سيما الصهيونية والأمريكية– لفرض واقع جديد يقوم على التفتيت الناعم، وصناعة كيانات طائفية أو وظيفية، تتحرك تحت مظلات “الحكم الذاتي” و”الإدارة المدنية”، وتصب جميعًا في مشروع واحد: إخراج سوريا من معادلة الصراع، وتحويلها إلى دولة فاشلة محايدة تحت سيطرة وظيفية مشتركة.


وفي هذا السياق، تبرز السويداء كبؤرة مرشحة للانفصال الناعم، بالتوازي مع تصعيد عسكري خطير ضد دمشق، عاصمة القرار، بهدف شلّها وإنهاك من بقي فيها.

“دمشق تحت النار والسويداء بوابة الفوضى”
السويداء النموذج الجديد للتفتيت، حيث الموقع الاستراتيجي الحساس، فهى تقع جنوب سوريا، وتجاور الجولان المحتل والحدود الأردنية– الفلسطينية، وتشكل المكون الدرزي غالبية سكانها.
ولطالما كانت منطقة “ساكنة”، لكن مؤخرًا تحولت إلى نقطة توتر عالية الحساسية.


مؤشرات تفكيك ناعم، تبدو فى الأفق فى أشكال متعددة؛ تصاعد أصوات المعارضة المحلية للنظام، بمطالب معيشية ظاهرًا، وانفصالية ضمنيًا.
تمويل وتحريك أمريكي غير مباشر لحراك مدني موجه.
دعم دعوات لـ”الهوية الدرزية” والإدارة الذاتية، ضمن مقاربات لا مركزية.
صمت النظام السوري المريب تجاه التمرد الشعبي.
تنسيق أمني استخباري غير مباشر بين الكيان الصهيوني وبعض شبكات الجنوب.


الهدف النهائي: تحويل السويداء إلى كيان مستقل ناعم، يُحاكي تجربة قسد في الشمال الشرقي، دون إعلان انفصال رسمي، بل من خلال شبكات “حكم مدني” ومليشيات محلية مدعومة خارجيًا.

“خارطة التقسيم السوري الجديدة”
تبدو سوريا اليوم كأنها تمضي في طريق التفكيك الفعلي:

منطقة الشمال الشرقي: الجهة المسيطرة أو الراعية: ( أمريكا– قسد).. الوظيفة المفروضة: إقليم كردي.

منطقة الشمال الغربي: الجهة المسيطرة: ( تركيا والمعارضة ) .. الوظيفة المفروضة: منطقة عازلة للأمن القومي التركي.

منطقة الساحل: الجهة المسيطرة: (روسيا – إيران – علويون).. الوظيفة المفروضة: قاعدة نفوذ استراتيجي لروسيا.

منطقة الجنوب ( درعا– السويداء) سيطرة مراقبة إسرائيلية وضغط أمريكي.. الوظيفة: مناطق عازلة مفخخة.

دمشق ومحيطها: الجهة المسيطرة النظام السوري.. الوظيفة المفروضة: استهداف مباشر لتفريغها وتحييدها.

يريد الكيان الصهيوني ان تبقى دمشق تحت النار، فالقصف الإسرائيلي المتكرر على دمشق ليس عشوائيًا، بل هو تنفيذ دقيق لاستراتيجية “التحييد الكامل”.

أهداف الضربات:


استهداف المقاومة: تدمير خطوط إمداد إيران وحزب الله.

إضعاف النظام: إظهار عجز النظام عن الدفاع عن العاصمة.

ردع إيران: رسالة واضحة للحرس الثوري بأن الأرض السورية ليست ساحة آمنة.

زرع اليأس الشعبي: الضغط على المدنيين لتقبّل أي “حل أمني دولي” لاحقًا.

فرض واقع نفسي: ترسيخ أن دمشق باتت مدينة لا سيادة لها، تحت رحمة الطيران الإسرائيلي.

التنسيق الأمريكي– الإسرائيلي– الروسي حاصل بالفعل، فالكيان الصهيوني لا يضرب إلا بموافقة ضمنية من واشنطن.
روسيا لا تمنع القصف، رغم امتلاك منظومات دفاع متقدمة.
أمريكا تستخدم الفوضى كذريعة لطرح حلول وظيفية بدلًا من السيادة الوطنية.

أما الأهداف الغربية– الصهيونية الكبرى فتهدف الى:


1- إضعاف الجيش والدولة المركزية.

2- إلغاء أي تهديد محتمل للمشروع الصهيوني من الجنوب السوري.

3- صناعة كيانات منفصلة على أسس طائفية ومناطقية.

4- تفريغ الثورة السورية من مضمونها التحرري.

5- منع أي عودة لسوريا كفاعل عربي أو مقاوم في المستقبل.

“الموقف العربى بين الغياب والتواطؤ”
بعض الدول العربية تعمل على إعادة دمج النظام وظيفيًا دون معالجة أسباب الصراع أو مقاومة التفتيت.

أخرى تنسق مع إسرائيل وأمريكا لضبط الجنوب السوري فقط لحماية حدودها.

والخلاصة الموقف الرسمي العربي عاجز أو خاضع، بينما تنهار سوريا كدولة.

ختامًا: هل ما زال في الوقت متسع؟


الحقيقة ما يُدبّر لسوريا أخطر من مجرد تغيير نظام، إنه إعادة هيكلة كيانية وجغرافية ووظيفية تجعل منها دولة ممزقة بلا جيش، ولا عقيدة وطنية، ولا هوية جامعة.

والسويداء اليوم ليست قضية درزية محلية، بل مقدمة لتقسيم سوريا من قلبها.

وضرب دمشق ليس رد فعل، بل فصل من فصول كسر إرادة الأمة في أعرق عواصمها.

من هنا، فإن الصمت العربي، والعجز الإسلامي، لا يزيد إلا في إطالة أمد الفوضى وتثبيت المشروع الصهيوني– الأمريكي.

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى