شيخ عقل طائفة الدروز: اندماج شامل للسويداء في الدولة السورية ووقف كامل للعمليات العسكرية

شهدت محافظة السويداء في جنوب سوريا تطورًا سياسيًا وأمنيًا بالغ الأهمية، تمثل في التوصل إلى توافق محلي يعيد تأكيد اندماج المحافظة ضمن الإطار الوطني السوري، ويقضي بوقف شامل لجميع الأعمال العسكرية من قبل مختلف الأطراف.
هذه الخطوة، التي جاءت بعد فترة من التوترات الأمنية والمطالبات المحلية بتحقيق مطالب معيشية وإدارية، تشير إلى بداية مرحلة جديدة من الاستقرار الحذر في منطقة طالما اتسمت بمواقفها السياسية المستقلة.
التحول الأخير جاء نتيجة سلسلة من المشاورات والاتصالات المحلية مع أطراف حكومية، إلى جانب جهود اجتماعية مكثفة لعبت فيها الشخصيات الروحية والاجتماعية البارزة في السويداء دورًا محوريًا علي رأسهم شيخ عقل طائفة الدروز يوسف جربوع.
وبحسب مصادر مطلعة، فإن الاتفاق ينص على وقف جميع أشكال العنف، سواء من قبل القوى الأمنية أو من المجموعات المحلية المسلحة، وتسهيل عودة المؤسسات الخدمية للعمل بكامل طاقتها، بما في ذلك إعادة فتح الدوائر الرسمية وتفعيل القضاء وتسيير الخدمات الأساسية.
السويداء، التي يقطنها غالبية من أبناء طائفة الموحدين الدروز، ظلت على مدى سنوات الحرب السورية في موقف معقد، حيث رفض معظم أبنائها الانخراط في النزاع المسلح، مكتفين بحماية مناطقهم من تداعيات الصراع. وفي السنوات الأخيرة، تصاعدت الأصوات المحلية المطالبة بإصلاحات خدمية ومكافحة الفساد، وصولاً إلى احتجاجات علنية، رُفعت خلالها شعارات مطالبة بالتغيير السلمي وتحقيق العدالة الاجتماعية.
ويُنظر إلى الاتفاق الجديد باعتباره تتويجًا لتلك المطالب، ولكن من زاوية أكثر براغماتية، حيث تسعى مختلف الأطراف إلى تفادي الانزلاق نحو التصعيد أو العنف الداخلي، في ظل وضع اقتصادي خانق وتراجع مستوى المعيشة في المحافظة.
الخطوة المقبلة، بحسب التحليلات، تتطلب ترجمة هذا الاتفاق إلى إجراءات ملموسة على الأرض، تضمن دمج البنى الإدارية والأمنية للمحافظة ضمن الهيكل الرسمي، مع الحفاظ على الخصوصية الاجتماعية والثقافية التي لطالما ميزت السويداء. كما يُنتظر أن تُفعَّل قنوات الاتصال بين دمشق والمجتمع المحلي في المحافظة لضمان متابعة تنفيذ التعهدات التي تم الاتفاق عليها، خصوصًا في ملفات الإصلاح الإداري وتخفيف القبضة الأمنية، مقابل التزام من الجانب المحلي بمنع أي نشاط مسلح أو تمرد.
المراقبون يرون أن نجاح هذا الاتفاق يتوقف على مدى الجدية في تنفيذه من جميع الأطراف، في ظل تجارب سابقة شهدت تعثرًا بسبب غياب الثقة أو الفهم المشترك للواقع المحلي. لكن في المقابل، فإن الانفراج الأمني والسياسي الذي قد ينتج عن هذا التفاهم، قد يشكل نموذجًا لإعادة دمج مناطق أخرى شهدت توترًا مشابهًا، في إطار مشروع وطني جامع يسعى لإعادة بناء الدولة السورية من الداخل.