صندوق النقد يرصد تعثرًا جزئيًا في مسار الإصلاحات الاقتصادية في مصر

في تقييم حديث لمسار برنامج الإصلاح الاقتصادي الجاري في مصر كشف صندوق النقد الدولي عن نتائج متباينة لما تحقق حتى الآن في إطار الاتفاق الموقع مع الحكومة المصرية والذي تبلغ قيمته ثمانية مليارات دولار ويأتي هذا التقييم في سياق المراجعات الدورية التي يجريها الصندوق لمتابعة مدى التزام الدول باتفاقياتها ومعايير الإصلاح التي تعهدت بتنفيذها
وأشار الصندوق في تقريره إلى أن التقدم الذي تم إحرازه حتى الآن لا يزال غير كافٍ لتجاوز التحديات البنيوية التي تواجه الاقتصاد المصري حيث لفت إلى استمرار وجود فجوة هيكلية تؤثر على نمو القطاع الخاص خصوصًا في ظل بقاء امتيازات واسعة النطاق لبعض الكيانات العامة ومنها الشركات المملوكة للدولة والمؤسسات ذات الطابع العسكري وهو ما يحد من المنافسة ويؤثر على عدالة توزيع الفرص في السوق المحلي
وبحسب التقديرات التي تضمنها التقرير من المتوقع أن يشهد الدين الخارجي لمصر قفزة كبيرة خلال السنوات الخمس المقبلة حيث يرتقب أن يرتفع من مستوى 162.7 مليار دولار خلال السنة المالية 2024 / 2025 ليصل إلى حدود 202 مليار دولار بحلول العام المالي 2029 / 2030 وهو ما وصفه التقرير بمصدر قلق كبير على صعيد الاستدامة المالية العامة خاصة في ظل تزايد الضغوط على ميزان المدفوعات
ورغم إشادة الصندوق ببعض الإجراءات التي اتخذتها الحكومة لتحسين بيئة الاستثمار وتعزيز الحوكمة والشفافية إلا أن وتيرة التنفيذ لا تزال بطيئة ولا تحقق الأثر المتوقع على أرض الواقع ولفت التقرير إلى ضرورة تسريع برامج الخصخصة وفتح المجال أمام القطاع الخاص للمشاركة في قطاعات كانت محصورة تقليديًا على الجهات الحكومية أو الجهات ذات الطبيعة السيادية
ويأتي هذا التقييم في وقت تواجه فيه مصر تحديات اقتصادية مركبة من بينها ارتفاع معدلات التضخم وضعف الاحتياطي النقدي وتباطؤ معدلات النمو وتراجع مستويات الدخل الحقيقي وهو ما يضع ضغوطًا كبيرة على صناع القرار ويدفع نحو ضرورة إعادة النظر في أولويات الإنفاق العام وتحقيق كفاءة أعلى في إدارة الموارد
وفي ظل هذه الظروف يشير مراقبون اقتصاديون إلى أن قدرة مصر على تنفيذ الإصلاحات المطلوبة تتوقف على مدى التزامها بتطبيق سياسات هيكلية تعزز الشفافية وتحد من تدخل الدولة في الأنشطة الاقتصادية التجارية بما يضمن مناخًا أكثر جاذبية للاستثمار المحلي والأجنبي
كما يُعد تنويع مصادر التمويل الخارجي وخفض الاعتماد على الاقتراض أحد المفاتيح الرئيسية لتفادي تفاقم أزمة الدين الخارجي وهو ما يستلزم إعادة هيكلة السياسات المالية والنقدية وتفعيل أدوات ضبط السوق وتحقيق التوازن بين متطلبات الحماية الاجتماعية وضرورات الإصلاح الاقتصادي الهيكلي