مسيحيو فلسطين يرفعون شكوى رسمية إلى بابا الفاتيكان ضد اعتداءات المستوطنين

قدم المجتمع المسيحي الفلسطيني شكوى رسمية إلى الفاتيكان احتجاجا على سلسلة اعتداءات متصاعدة نفذها مستوطنون إسرائيليون ضد الكنائس والمقدسات المسيحية في الضفة الغربية المحتلة في خطوة تعكس تصاعد القلق من محاولات ممنهجة لاقتلاع الحضور المسيحي التاريخي في الأرض المقدسة وسط تقاعس دولي واضح عن حماية دور العبادة والمواقع الدينية
وتضمنت الشكوى التي أُعدت في ملف مفصل توثيقا دقيقا لانتهاكات طالت كنيسة القديس جاورجيوس في بلدة الطيبة الواقعة شرق محافظة رام الله إلى جانب إحراق حقول وتخريب ممتلكات وكتابة شعارات تهديدية ذات طابع عنصري على أسوار البلدة المسيحية التي تعاني منذ سنوات من ضغوط استيطانية متزايدة
وسيقوم المجتمع المسيحي الفلسطيني برفع هذا الملف أولا إلى أمانة دولة الفاتيكان قبل تقديمه رسميا إلى البابا في محاولة لحشد موقف كنسي دولي يواجه سياسة التصعيد الإسرائيلي ضد المكونات المسيحية في الضفة الغربية ويضع الكنيسة الكاثوليكية أمام مسؤولياتها الأخلاقية والروحية تجاه المؤمنين في الأرض التي انطلقت منها المسيحية
وتكتسب بلدة الطيبة أهمية خاصة في المشهد الفلسطيني إذ تُعد واحدة من أبرز التجمعات المسيحية القليلة المتبقية في الضفة الغربية وتضم كنائس تاريخية تعود للقرون الأولى للميلاد من أبرزها كنيسة القديس جاورجيوس التي تم بناؤها في القرن الخامس وأعيد ترميمها لاحقا وتشكل رمزا دينيا وتراثيا للمجتمع المسيحي المحلي
وقد تعرضت هذه الكنيسة في الأسابيع الماضية لعدة اعتداءات متعمدة من قبل مستوطنين مسلحين قاموا بإشعال النيران في أحد جدرانها الخارجية وإحراق أراضٍ زراعية محيطة بها في استهداف مباشر للمقدسات والمصادر المعيشية للسكان كما وضع المستوطنون لافتات كتب عليها عبارات تهديد واضحة تعكس الرغبة في طرد السكان من منطقتهم التاريخية
وتأتي هذه الاعتداءات ضمن موجة أوسع من أعمال العنف التي ينفذها المستوطنون في الضفة الغربية ضد الفلسطينيين بمختلف طوائفهم حيث تترافق مع تصعيد غير مسبوق في قطاع غزة ما يسلط الضوء على طبيعة السياسات الإسرائيلية التي تنتهج القمع والتمييز الديني كأسلوب لإفراغ الأراضي المحتلة من سكانها الأصليين
وتعكس شكوى المجتمع المسيحي للفاتيكان شعورا متزايدا بالعزلة والخذلان في ظل غياب ردود فعل دولية حاسمة تجاه ما يجري على الأرض وهو ما دفع القيادات الدينية الفلسطينية إلى مخاطبة رأس الكنيسة الكاثوليكية مباشرة للمطالبة بحماية الأماكن المقدسة ورفع الصوت ضد محاولات تهويد الضفة وطمس طابعها المتنوع
وتُعد هذه الخطوة سابقة من نوعها منذ سنوات إذ تؤشر إلى تحول في موقف الكنيسة الفلسطينية من الاحتجاج المحلي إلى التدويل الكنسي للمسألة على أمل أن تتحول الشكوى إلى موقف فعلي يُمارس ضغطا على سلطات الاحتلال لوقف انتهاكاتها المتكررة بحق المجتمعات المسيحية والإسلامية على حد سواء
ويأمل المسيحيون في الضفة أن تسهم الشكوى في إعادة تسليط الضوء على معاناتهم التي غالبا ما يتم تجاهلها في وسائل الإعلام الدولية مؤكدين أن استهداف كنائسهم ومقدساتهم ليس مجرد قضية دينية بل قضية حقوق إنسان وجزء من معركة أوسع من أجل البقاء في وطنهم