السفير معصوم مرزوق يحذر من تداعيات التحالف الإبراهيمي على الأمن العربي

في ظل تصاعد الخطوات الخليجية المتسارعة نحو التطبيع مع إسرائيل تحت مظلة ما يعرف بـالتحالف الإبراهيمي تتزايد التحذيرات من تداعيات هذا المسار على بنية الأمن القومي العربي وسط غياب مقاربة استراتيجية شاملة تحفظ المصالح العليا للدول العربية وفي هذا السياق حذر السفير المصري الأسبق من أن هذه التحركات تمثل خطرا مباشرا على الأمن القومي المصري والعربي على حد سواء
التحالف الإبراهيمي الذي جرى تسويقه كمبادرة للسلام والتعايش في المنطقة بات بحسب مراقبين غطاء سياسيا لتوسيع النفوذ الإسرائيلي في محيطه العربي دون تقديم أي تنازلات حقيقية تتعلق بالقضية الفلسطينية أو الحقوق العربية المشروعة ويشير هؤلاء إلى أن إسرائيل استطاعت استثمار حالة الانقسام العربي والمخاوف الإقليمية لتكريس وجودها وشرعنة علاقاتها مع عدد من العواصم الخليجية التي رأت في التحالف الإبراهيمي فرصة لتمتين شراكاتها الدولية لا سيما مع الولايات المتحدة
غير أن السفير المصري الأسبق يرى في هذا الانخراط دون ضوابط أو شروط مسبقة نوعا من الاندفاع السياسي الذي لا يراعي حساسية الملف الفلسطيني ولا يعكس إرادة الشعوب العربية الرافضة للتطبيع مع الاحتلال مؤكدا أن مثل هذه التحالفات تمنح تل أبيب مكاسب استراتيجية دون مقابل بل وتزيد من جرأتها في تنفيذ سياسات عدوانية توسعية في الأراضي المحتلة
وتأتي هذه التصريحات في ظل تحولات عميقة تشهدها المنطقة حيث يشكل الأمن القومي العربي حالة من السيولة وعدم الاستقرار نتيجة لتغير موازين القوى الإقليمية والدولية وغياب المشروع العربي الموحد لمواجهة التحديات الجديدة وهو ما يعزز المخاوف من أن يؤدي مسار التطبيع غير المشروط إلى إضعاف الموقف العربي الجماعي وتقويض فرص إقامة دولة فلسطينية مستقلة وعاصمتها القدس
كما تطرح هذه التطورات تساؤلات حول مدى اتساق هذا التوجه الخليجي مع المصالح القومية المصرية في ظل ارتباط الأمن القومي المصري بشكل وثيق بالعمق العربي وتحديدا في الجبهة الشرقية التي تمثل القضية الفلسطينية مركز ثقلها الجيوسياسي ويخشى كثير من الخبراء أن يؤدي التباين في الأولويات بين العواصم العربية إلى إضعاف التنسيق الأمني والسياسي في مواجهة الأخطار المشتركة
الجدير بالذكر أن الاتفاقات المندرجة تحت إطار التحالف الإبراهيمي لم تترجم حتى الآن إلى تحولات حقيقية في المشهد السياسي الفلسطيني بل على العكس تزايدت وتيرة الانتهاكات الإسرائيلية وتوسعت المستوطنات ما يجعل من الحديث عن السلام الشامل أقرب إلى التمنيات منه إلى الواقع
وفي ظل هذه المعطيات تتعاظم الدعوات لإعادة تقييم السياسات العربية الراهنة تجاه إسرائيل ووضع آليات واضحة تضمن ألا يكون التطبيع على حساب الحقوق الفلسطينية أو الأمن القومي العربي وضرورة أن تستند أي شراكات إقليمية إلى مصالح متبادلة ورؤية استراتيجية طويلة الأمد تحافظ على وحدة الصف العربي وتمنع أي اختراقات خارجية تهدد استقراره