مصر

تصاعد الأزمة في حي الريسة بسبب إزالة المنازل لتطوير ميناء العريش

تتسارع وتيرة التوتر في محافظة شمال سيناء مع دخول عمليات إزالة المنازل في حي الريسة بمدينة العريش مراحلها الرابعة والخامسة وسط احتجاجات شعبية متصاعدة من الأهالي الذين يرفضون مغادرة منازلهم رغم بدء التنفيذ الرسمي لخطط الإخلاء بهدف استكمال مشروع تطوير ميناء العريش الاستراتيجي الذي يعد جزءًا من رؤية موسعة لتحويل المنطقة إلى مركز لوجستي يخدم التجارة الإقليمية والدولية

بدأت السلطات المحلية خلال الأيام الماضية تنفيذ عمليات هدم لعدد من المنازل ضمن خطة تطوير الميناء حيث شملت المرحلة الأخيرة إزالة سبعة منازل فقط من إجمالي مئة وثمانين منزلًا مستهدفًا في هذه المرحلة وقد جاء التنفيذ بعد توقيع أصحاب هذه المنازل على بيانات الإخلاء الرسمية لكن ما يزال الغالبية العظمى من سكان المنطقة يرفضون التوقيع أو الاستجابة لبرامج التعويضات المطروحة من قبل الجهات الحكومية

يعتمد برنامج التعويضات الحكومي على معايير فنية تم إقرارها منذ عام 2019 تشمل مساحة الوحدة السكنية وعدد طوابقها ومستوى التشطيب مع إضافة نسبة زيادة تصل إلى أربعين في المئة بناء على توجيهات عليا تم الإعلان عنها لاحقًا كما تتضمن البدائل المطروحة حصول المتضررين على أراضٍ مرخصة ضمن تقسيمات جديدة أو وحدات سكنية جاهزة للتسليم الكامل مقابل مبالغ مالية محددة تصل إلى ثلاثمئة وخمسين ألف جنيه كما توفر المحافظة وسائل دعم إضافية تشمل نقل الأثاث مجانًا عبر شاحنات خصصت لهذا الغرض

رغم هذه التسهيلات تبقى المعارضة الشعبية في ذروتها إذ نظم الأهالي خلال الأيام الماضية عدة وقفات احتجاجية في محيط الحي مؤكدين رفضهم القاطع لما وصفوه بمحاولة لتهجيرهم من أراضٍ يمتلكونها منذ عقود وقد تكررت الهتافات الرافضة للإزالات مؤكدين تمسكهم بالبقاء في مساكنهم رغم التهديد بالإخلاء

الاحتجاجات دفعت الحكومة إلى تعليق أعمال الإزالة منتصف عام 2023 إثر تصاعد الغضب الشعبي وجرى حينها لقاء بين ممثلين عن السكان ووزير النقل الذي تعهد بعدم تنفيذ أي إزالة إلا بموافقة الأهالي غير أن استئناف الإخلاءات في يوليو 2025 أعاد الجدل من جديد وأثار اتهامات للأجهزة التنفيذية بعدم الالتزام بتعهداتها السابقة

وتعود جذور الأزمة إلى القرار الجمهوري الصادر في عام 2019 والذي نص على تخصيص ما يزيد عن 370 فدانًا لصالح القوات المسلحة بغرض تطوير ميناء العريش قبل أن يُستكمل القرار بزيادة المساحة إلى أكثر من 540 فدانًا عام 2021 وقد تضمن القرار اعتبار المشروع من أعمال المنفعة العامة ما يتيح قانونيًا نزع الملكيات الواقعة في محيطه

تشير التقديرات الرسمية إلى أن عدد المباني في المنطقة يتجاوز الألف ومئة مبنى إضافة إلى مساحات واسعة من الأراضي غير المبنية تتجاوز مليوني متر مربع ما يعكس ضخامة المشروع وأثره الواسع على النسيج العمراني والاجتماعي للمنطقة

وفي الوقت الذي تتمسك فيه الحكومة برؤية التطوير وتوسيع نطاق البنية التحتية للمنطقة الحدودية يتشبث السكان بحقوقهم التاريخية في الأرض والمكان وهو ما ينذر باستمرار حالة التوتر ما لم تُبذل جهود حقيقية لتحقيق توافق شامل يضمن التنمية دون المساس باستقرار المواطنين أو تجاهل هواجسهم المشروعة

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى