مصر

د.محمد عماد صابر يكتب: أين أنتم؟! غزة تختصمكم أمام الله

“بل الإنسان على نفسه بصيرة، ولو ألقى معاذيره” – [القيامة: 14-15]


في زمن مات فيه الضمير، وتحوّلت فيه الأمة إلى كتل من اللحم تمشي على الأرض بلا روح، تقف غزة اليوم على بوابة السماء، تشكو إلى الله أمةً خانت، وحكوماتٍ تواطأت، وشعوبًا تقاعست، وعلماء صمتوا أو باعوا أقلامهم.

“غزة تحترق… والأمة تتفرج”


في الوقت الذي يُذبح فيه الأطفال جوعًا، وتُقصف فيه الأجنة في بطون أمهاتهم، تُقام الحفلات، وتُشعل الألعاب النارية، وتُبنى الملاعب وتُرمم الشواطئ في بلاد “إسلامية” لم يبق من إسلامها إلا الاسم، ولا من شرف الأمة إلا ما تحمله “فئة قليلة مؤمنة محاصرة” تقف وحدها في وجه الصهيونية العالمية.

“أين الشعوب؟ أين النخوة؟ أين الرجولة؟”


غزة تختنق، ومن يرفع صوته يُتهم، ومن يجمع التبرعات يُحاكم، ومن يخرج في مظاهرة يُسجن.. بل أين العلماء؟ الذين كانوا في الماضي فوهات مدافع، صاروا اليوم مقاعد خرساء، لا تهتز لآية، ولا تنفجر لكلمة، حتى “الصياح” لم يعد يُسمع.

“الخصومة أمام الله”


اليوم، تُرفع الشكاوى إلى رب السموات والأرض:

تشكو الشعوب التي امتلأت بطونها ونامت على موائد الرفاه، بينما إخوانهم يُذبحون من الوريد إلى الوريد.

تشكو الحكومات التي منعت الماء والطعام عن غزة، وأغلقت المعابر، وفتحت أجواءها للصواريخ الصهيونية.

تشكو الدول التي تتعاون استخباراتياً لتأمين إسرائيل، وتحاصر المقاومة وتطارد من يمدّها بالسلاح.

تشكو العلماء والدعاة الذين باعوا المواقف أو التزموا الصمت المذل، تشكو الجيوش التي عُطّلت، بنادقها، وسُيّجت عقيدتها على حدود “سايكس بيكو”، تُقاتل شعوبها ولا تجرؤ على رفع رأسها في وجه العدو.

“وما نقموا منهم إلا أن يؤمنوا بالله العزيز الحميد” – [البروج: 8]


ولكنها.. غزة


غزة التي تحمل راية الأمة وحدها، وتخوض المعركة عن شرف كل مسلم، وتكتب بدماء أطفالها “هنا كانت أمة لا تموت”، هي التي حفظت ماء وجه الأمة، وهي التي يتنزل عليها نصر الله، لا لأن العالم معها، بل لأن الله معها: “كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله والله مع الصابرين” – [البقرة: 249]

“نداء إلى الأمة”
إلى من تبقّى له قلب حي…
إلى من لا يزال فيه بقية من إيمان…
إلى الشعوب الحرة، إلى الجاليات، إلى الشباب، إلى العلماء الربانيين، إلى الأحرار في كل مكان:
🔺 قاوموا الصمت، حاربوا اللامبالاة، كسروا جدار الحياد.

انصروا غزة بالمال والكلمة والسلاح والدعاء والتظاهر والمقاطعة والتعبئة.

أعيدوا للقضية الفلسطينية مركزيتها، وكونوا شركاء في المعركة ولو بأضعف الإيمان.

“المعركة مع الصهيونية معركة أمة”
إن ما يجري ليس فقط احتلالًا لغزة، بل غزوًا لهوية الأمة، واستهدافًا لمستقبل الإسلام في الأرض.. ومن يتخلّف عن المعركة اليوم، فسيأتيه القصف غدًا على بيته وحدوده وعقيدته وأطفاله.
“إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم” – [محمد: 7]

في الختام:


غزة لا تحتاج شفقة… تحتاج رجالًا ونساءً يعيدون كتابة التاريخ، فإما أن نكون معها، أو نكون خصومها يوم يقوم الناس لرب العالمين.

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى