رئيس حزب الوفد يدعو لتعديل دستوري يعيد توازن نظام الحكم المصري

شهدت الساحة السياسية المصرية حوارًا مهمًا استضاف فيه الإعلامي مصطفى بكري عبر برنامجه «حقائق وأسرار» الدكتور عبدالسند يمامة رئيس حزب الوفد في لقاء كشف فيه الأخير عن ملامح رؤيته لمستقبل الحياة السياسية في مصر وطبيعة التحديات التي تواجه الدولة داخليًا وخارجيًا في ظل المتغيرات المتسارعة إقليميًا ودوليًا
خلال اللقاء حرص الدكتور عبدالسند يمامة على استعراض تاريخ حزب الوفد العريق ودوره في صياغة الحياة السياسية منذ دستور 1923 مؤكدًا أن الوفد كان ولا يزال حزبًا نضاليًا مؤسسًا للنظام البرلماني المصري الحديث واستعرض في هذا الإطار محطات تاريخية فاصلة أكدت تمسك الحزب بالديمقراطية ورفضه لأي محاولات لتقويض الإرادة الشعبية
وفي قراءة للمشهد السياسي الراهن عبّر رئيس حزب الوفد عن تأييده للحراك الحزبي القائم مشيرًا إلى أن الحياة السياسية المصرية تمر بمرحلة انتقالية تتطلب تضافر الجهود والتكاتف الوطني لتحقيق الاستقرار السياسي والاقتصادي وأشار إلى أهمية الانتقال من نظام القائمة المغلقة إلى القائمة النسبية لضمان تمثيل أوسع للمرأة والشباب وذوي الهمم مؤكدًا أن تمكين هذه الفئات لا يجب أن يُفرض بنص دستوري بل يتم عبر التشريعات لضمان المرونة والتحديث الدائم
وفي تقييمه للنظام الانتخابي الحالي أوضح الدكتور عبدالسند يمامة أن نظام القائمة المغلقة له مبرراته الظرفية لكنه لا يمثل النموذج الأمثل للمستقبل الديمقراطي داعيًا إلى تطوير النظام البرلماني بما يتلاءم مع طبيعة المجتمع المصري واحتياجاته التنموية
أما على الصعيد الاقتصادي فقد أبدى رئيس الوفد تحفظه تجاه السياسات المرتبطة بروشتات صندوق النقد الدولي مؤكدًا أنه لا يشعر بالارتياح لتطبيقها ورغم اعترافه بالجهود الحكومية في مشروعات البنية التحتية والبناء والتطوير مثل الطرق والكباري إلا أنه شدد على ضرورة التركيز في المرحلة القادمة على الصناعة والتعليم والعدالة الاجتماعية لضمان التنمية المتوازنة وتحقيق العدالة الاقتصادية
وفي هذا السياق دعا الدكتور يمامة إلى إعادة تشكيل المجموعة الاقتصادية بالحكومة لتواكب التحديات الراهنة مؤكدًا أن الوضع الحالي يتطلب وصفة اقتصادية جديدة تستوعب هموم المواطن وتحقق العدالة دون التضحية بالحقوق الأساسية للطبقات الضعيفة كما طالب الدولة بالتدخل لتعديل منظومة إيجارات الأماكن القديمة بما يحفظ حقوق الملاك والمستأجرين في إطار متوازن عادل
وعن السياسة الخارجية شدد رئيس حزب الوفد على أهمية وحدة الصف الوطني ودعم الدولة في مواجهتها للأزمات الخارجية كالحرب في أوكرانيا وتداعياتها على الأمن الغذائي والطاقة والهجمات على الممرات الملاحية مؤكدًا أن السياسة الخارجية المصرية تحظى بتوافق شعبي واسع وتعكس رؤية مستقرة وواعية
وحول أداء المعارضة انتقد الدكتور عبدالسند يمامة انشغال بعض التيارات بالقضايا الداخلية الحزبية على حساب القضايا الوطنية الكبرى مشيرًا إلى أن المعارضة الحقيقية يجب أن تكون عنصر توازن ورقابة داخل النظام السياسي لا أن تكتفي بالانتقاد دون طرح بدائل جادة كما أشار إلى قصور واضح في التعاون بين الأحزاب المعارضة وغياب التنسيق السياسي الفاعل في ملفات كبرى
في الملف السوداني عبر رئيس الوفد عن تقديره العميق للعلاقات التاريخية مع السودان مؤكدًا أن ما يربط الشعبين هو مصير مشترك لا يمكن فصله واعتبر التحديات السودانية جزءًا من الأمن القومي المصري مطالبًا بتعزيز الدور المصري في دعم الأشقاء السودانيين خلال الأزمة الراهنة ومرحلة التعافي
أما عن موقفه من ثورتي يناير ويونيو فقد أبدى الدكتور عبدالسند يمامة موقفًا حاسمًا حين اعتبر أن ثورة 30 يونيو هي التصحيح الحقيقي للمسار السياسي مشيرًا إلى أن ثورة يناير شابها الكثير من التجاوزات التي أضرت بالدولة وفتحت الباب لقوى غير وطنية للسيطرة على مفاصل الدولة وقتها
وفي ختام الحوار وجه رئيس حزب الوفد دعوة للرئيس عبد الفتاح السيسي لإجراء تعديلات دستورية على باب نظام الحكم بما يعيد التوازن بين السلطات ويرسخ استقرار النظام السياسي مشددًا على أن شخصية الرئيس الحالي تمثل أحد عناصر الاستقرار إلا أن الضمان الحقيقي يكمن في وجود نصوص دستورية واضحة تعكس طبيعة الشعب المصري وتراثه السياسي
يمثل حديث الدكتور عبدالسند يمامة نموذجًا لرؤية سياسية تجمع بين الاعتراف بالتحديات والإيمان بالإصلاح وفي الوقت ذاته تبرز قوة طرحه في صراحته ووضوحه وتقديره للمسؤولية الوطنية فيما تظل بعض انتقاداته بحاجة إلى مزيد من التفصيل والطرح العملي لضمان تحويل الرؤية إلى برنامج سياسي شامل يمكن البناء عليه داخل المؤسسات التشريعية والتنفيذية في المرحلة المقبلة