قوات الأمن السوري تعيد الانتشار بالسويداء وسط تصاعد الصراع القبلي المسلح

تشهد محافظة السويداء في الجنوب السوري حالة من التوتر المتصاعد في أعقاب اشتباكات دامية اندلعت بين مجموعات مسلحة من أبناء العشائر العربية في سوريا ومسلحين محليين داخل المدينة وعلى أطرافها إذ دفعت وزارة الداخلية السورية بتعزيزات أمنية كبيرة نحو مشارف المدينة في محاولة لاحتواء الموقف وفرض الاستقرار في المنطقة التي تشهد اضطرابات متكررة منذ سنوات
الاشتباكات الأخيرة جاءت بعد إعلان النفير العام من قبل القبائل والعشائر العربية المنتشرة في عدة مناطق سورية إذ عبرت هذه الفصائل عن استنكارها لما وصفته بعمليات استهداف منظمة تطال أبناء عشائر البدو في السويداء متهمة بعض الجماعات المسلحة المحلية بممارسة التهجير والقتل ما دفع الآلاف من أبناء العشائر إلى التحرك باتجاه المحافظة
مصادر ميدانية تحدثت عن دخول مجموعات مسلحة تابعة للعشائر السورية إلى عدة بلدات شمال السويداء وتحديدا باتجاه بلدة المزرعة ومحيط طريق دمشق السويداء كما أكدت ذات المصادر أن عدد المشاركين في هذا التحرك يتجاوز خمسين ألف مقاتل مع توقعات بانضمام المزيد من المقاتلين من ريف حلب وشرق البلاد في الساعات القادمة
المشهد الميداني تزامن مع تقارير عن تحليق طائرات استطلاع إسرائيلية فوق أجواء السويداء ومحيطها في توقيت بالغ الحساسية ما زاد من تعقيد المشهد الأمني والسياسي وأثار تساؤلات حول أبعاد التدخلات الإقليمية في هذه الأزمة المحلية
وزارة الداخلية السورية أعلنت من جانبها أنها تستعد لإعادة انتشار قوات الأمن الداخلي ضمن المدينة لوقف الاشتباكات الدائرة وحماية المدنيين كما أكدت أن التدخل يهدف لحفظ النظام وليس الانحياز لأي طرف من الأطراف المتصارعة
في المقابل أعلنت العشائر العربية أنها ترفض أي محاولة لعرقلة تحركاتها مؤكدة أن ما تقوم به يأتي في إطار الدفاع عن حقوقها المشروعة في وجه ما تصفه بجرائم منظمة تستهدف المدنيين من النساء والأطفال وكبار السن وحذرت في بيانات متتالية من أن استهداف مقاتليها سيقابل برد موحد
الأزمة في السويداء تتجاوز مجرد اشتباك مسلح إذ تعكس حالة الاحتقان الطائفي والعرقي وتدهور الأوضاع الأمنية في مناطق الجنوب السوري بعد سنوات من الحرب والتهميش والتداخلات الخارجية ما يجعل أي تصعيد فيها مرشحا للامتداد إلى مناطق أخرى وربما يفتح جبهة جديدة في المشهد السوري المعقد
وتُظهر هذه التطورات هشاشة الوضع الأمني في الجنوب السوري وتراجع قدرة الدولة المركزية على ضبط الأوضاع في مناطق يغيب فيها الاستقرار وتنتشر فيها الجماعات المسلحة التي تمتلك نفوذا محليا مستندا إلى البنية الاجتماعية والقبلية وهو ما يعقّد جهود احتواء التصعيد ويزيد من احتمالية تفجر نزاعات مشابهة في مناطق أخرى
المراقبون يرون أن استمرار التوتر في السويداء ينذر بتداعيات إنسانية وأمنية خطيرة ما لم يُعالج الملف بحلول جذرية تراعي الخصوصيات الاجتماعية والدينية وتُعيد الاعتبار لهيبة الدولة ومؤسساتها في إدارة الأزمات وحفظ الأمن الأهلي ضمن إطار وطني جامع