اقتصاد

أثرياء المنطقة يفاقمون أزمة المناخ وفقراء الشرق الأوسط يدفعون الثمن

كشف تقرير حديث صادر عن منظمة أوكسفام الدولية عن فجوة بيئية واقتصادية مقلقة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا حيث أظهر التقرير أن النخبة الثرية في الإقليم تتحمل قسطا كبيرا من المسؤولية عن الانبعاثات الكربونية التي تسهم في تسارع أزمة المناخ رغم أن المتضررين الرئيسيين منها هم الفئات الفقيرة والمهمشة التي لا تسهم إلا بنسبة ضئيلة جدا من تلك الانبعاثات

التقرير الذي يستند إلى دراسة مشتركة بين أوكسفام ومعهد ستوكهولم للبيئة يوضح أن أغنى 1 بالمئة من سكان المنطقة مسؤولون وحدهم عن أكثر من ربع الانبعاثات الكربونية في عام 2022 في المقابل لا يتجاوز إسهام نصف السكان الأفقر نسبة العشرة بالمئة ما يعكس تفاوتا صارخا في توزيع الأعباء البيئية الناتجة عن تغير المناخ

وتبرز المفارقة بصورة أكثر حدة عند النظر إلى النخبة فائقة الثراء حيث يظهر أن الشخص المنتمي إلى أغنى 0.1 بالمئة يتسبب في انبعاثات كربونية تزيد بما يقارب 477 ضعفا عن تلك التي يصدرها الفرد من بين نصف السكان الأشد فقرا وهذا الفارق الكبير يعكس نمط حياة مسرف يستهلك كميات ضخمة من الطاقة والموارد دون اعتبار للانعكاسات البيئية أو المناخية

ويتزامن هذا التفاوت البيئي مع مشهد اقتصادي واجتماعي متشابك إذ تضم المنطقة عددا من أثرياء العالم ممن يعيشون حياة مترفة ويملكون قدرات مالية وتقنية عالية تتيح لهم تجنب أو تقليل آثار التغير المناخي في الوقت الذي تفتقر فيه المجتمعات الفقيرة إلى وسائل التكيف والتأقلم مع الظواهر المناخية القاسية مثل موجات الجفاف المتكررة وارتفاع درجات الحرارة والتصحر ومشكلات الأمن الغذائي

اللافت في التقرير أنه لا يكتفي بعرض الأرقام بل يربط بوضوح بين غياب العدالة المناخية وهيمنة المصالح الاقتصادية للنخبة وبين تفاقم الكوارث البيئية التي تشهدها دول المنطقة حيث يشير إلى أن التفاوت في المسؤولية البيئية يعكس أيضا اختلالات سياسية وهيكلية تمنع تطبيق سياسات عادلة ومستدامة للحد من الانبعاثات وتوزيع الموارد والفرص بشكل متوازن

ومع غياب سياسات فعالة للمحاسبة البيئية وغياب أدوات إعادة التوزيع البيئي العادل فإن التحديات ستتزايد على الطبقات الأكثر هشاشة في المجتمع التي ستجد نفسها مضطرة لمواجهة تداعيات مناخية حادة دون أي دعم كاف أو بنى تحتية مرنة قادرة على التكيف

تقرير أوكسفام يشكل ناقوس خطر يدعو إلى إعادة النظر في منظومة الاستهلاك والإنتاج في المنطقة ويفرض على صانعي القرار ضرورة التحرك الجاد لتقليص الفجوة المناخية ووضع سياسات عادلة تتضمن ضرائب كربونية على الفئات الأكثر تلويثا واستثمارا حقيقيا في البنية التحتية الخضراء الموجهة إلى المجتمعات الأكثر فقرا وتهميشا

وفي ظل استمرار الأزمة المناخية العالمية يبدو أن العدالة المناخية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لم تعد قضية بيئية فقط بل تحولت إلى مسألة اجتماعية وإنسانية وسياسية تتطلب معالجات جذرية وعادلة لضمان مستقبل مستدام لكافة فئات المجتمع

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى