ديون مصر الخارجية مرشحة لتجاوز 200 مليار دولار وسط نمو اقتصادي متسارع

تشير التقديرات الاقتصادية الصادرة عن صندوق النقد الدولي إلى أن إجمالي الدين الخارجي لمصر قد يتخطى حاجز 200 مليار دولار خلال السنوات الخمس المقبلة نتيجة لاستمرار سياسات الاقتراض الخارجي وتوسع الحكومة في تمويل مشروعات البنية التحتية والتحول الاقتصادي من خلال قروض خارجية ميسرة وأخرى تجارية تهدف إلى دعم ميزان المدفوعات وسد الفجوة التمويلية في موازنة الدولة
ورغم أن الرقم يبدو مقلقًا عند النظر إليه من زاوية القيمة الإجمالية إلا أن مؤشرات الدين كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي تُظهر في المقابل اتجاهًا تنازليًا خلال نفس الفترة نتيجة توقعات بتحقيق معدلات نمو قوية في الناتج المحلي خلال السنوات المقبلة مدعومة بالإصلاحات الهيكلية وزيادة الاستثمارات الأجنبية المباشرة وتعافي بعض القطاعات الحيوية مثل السياحة والصادرات الصناعية والخدمات المالية
ويُرجع محللون ماليون هذا الاتجاه إلى استراتيجية مصرية تركز على تحسين بيئة الأعمال وتعزيز الثقة في الاقتصاد من خلال برنامج إصلاحي شامل يتضمن تحرير سعر الصرف وإعادة هيكلة الدعم وتحسين كفاءة الإنفاق العام إلى جانب إطلاق عدد من المشروعات الكبرى التي من المتوقع أن ترفع الناتج المحلي الإجمالي بشكل كبير مما يسهم في امتصاص الزيادة في الدين الخارجي وتقليص أثره على مؤشرات الاستدامة المالية
من جهة أخرى تبرز مخاوف لدى بعض المراقبين من أن اعتماد مصر المتزايد على القروض الخارجية سواء من المؤسسات الدولية أو من الأسواق المالية العالمية قد يُعرض الاقتصاد لمخاطر تقلبات أسعار الفائدة العالمية أو تغيرات السياسة النقدية في الدول الكبرى مما قد يزيد من كلفة خدمة الدين مستقبلا ويضغط على الميزان الخارجي للبلاد
كما أن الشروط المصاحبة لبعض برامج التمويل الخارجي قد تفرض التزامات طويلة الأجل قد تؤثر على مرونة السياسات الاقتصادية وتحد من قدرة الدولة على توجيه الإنفاق نحو أولويات التنمية المحلية خصوصًا في مجالات التعليم والصحة والحماية الاجتماعية
وفي المقابل يشير خبراء اقتصاديون إلى أن قدرة مصر على إدارة هذا الدين ستكون مرتبطة بمستوى الإصلاحات الهيكلية التي يمكن تنفيذها بنجاح وقدرة الحكومة على تحسين الإيرادات العامة وزيادة تنافسية الاقتصاد عبر تعزيز الإنتاجية المحلية وتحفيز الصادرات وتقليص الاعتماد على الاستيراد
وبينما تمثل هذه التوقعات تحديًا على المدى المتوسط إلا أنها في الوقت ذاته تفتح نافذة فرص لمصر لإعادة هيكلة اقتصادها بشكل أكثر استدامة واندماجًا في النظام الاقتصادي العالمي وذلك عبر تحسين الأداء المالي وترشيد النفقات العامة ورفع كفاءة الاستثمارات
وتظل مسألة تجاوز الدين الخارجي لحاجز 200 مليار دولار قضية محورية في تقييم مستقبل الاقتصاد المصري خلال السنوات المقبلة إذ ستتوقف تداعياتها على قدرة الدولة في التوازن بين التمويل الخارجي وتحقيق معدلات نمو حقيقية تُترجم إلى تحسن في معيشة المواطن واستقرار اقتصادي طويل الأجل