حقوق وحريات

توسع رقابي جديد يهدد حرية التعبير ويدفع نحو مزيد من القمع

في تطور مثير للقلق حول أوضاع الحريات العامة في مصر أشار تقرير صادر عن مؤسسة حرية الفكر والتعبير إلى تصاعد ملحوظ في الممارسات التي تقيد حرية الصحافة والتعبير بدعوى مكافحة ما يُعرف بالأخبار المزيفة حيث باتت السلطات المصرية تستخدم هذه التهمة كسلاح رقابي لمنع تداول المعلومات المستقلة وفرض رقابة صارمة على وسائل التواصل الاجتماعي والمنصات الرقمية المختلفة

التقرير الصادر حديثًا عن المؤسسة الحقوقية سلط الضوء على توسع الهيئة الوطنية للصحافة في تتبع ومراقبة الأنشطة الإعلامية بما في ذلك المراسلات الرقمية والنشر الإلكتروني وهو ما يُنذر بحسب خبراء بمرحلة أكثر شدة من التضييق على المجال العام ويعكس استمرار السلطة في استخدام أدوات تشريعية وتنفيذية لفرض سطوة شاملة على الفضاء الإعلامي في البلاد

وأكد التقرير أن الخطاب الرسمي المصري بات يربط بين نشر الأخبار والتقارير المستقلة وبين زعزعة الأمن القومي والتحريض على الفوضى وهو ما أدى إلى تجريم الكثير من أشكال التعبير عبر الإنترنت وفرض قيود مشددة على الصحفيين والمدونين وحتى مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي

كما أوضح التقرير أن السلطات غالبًا ما تلجأ إلى قوانين مكافحة الجرائم الإلكترونية ومواد قانون العقوبات لتبرير توقيف النشطاء الإعلاميين أو حجب المواقع الصحفية أو التحقيق مع صحفيين بسبب نشرهم محتوى يُعد انتقاديًا للسياسات العامة أو أداء مؤسسات الدولة الأمر الذي يمثل انتهاكًا مباشرًا للحق في حرية التعبير المكفول بموجب الدستور المصري والمعاهدات الدولية التي صادقت عليها مصر

ويُظهر هذا النهج الرقابي المتزايد مؤشرات واضحة على تقويض بنية الصحافة الحرة وتحجيم دور الإعلام المستقل في المجتمع المصري حيث أصبحت التغطية الصحفية مرهونة بموافقة السلطة وتوجيهاتها فيما غابت المساحات الآمنة للنقد والمساءلة وهو ما ينعكس سلبًا على مبدأ الشفافية ويضعف من قدرة الرأي العام على التفاعل مع القضايا الوطنية

في السياق ذاته دعا مراقبون إلى ضرورة مراجعة السياسات الحالية المتعلقة بحرية النشر والوصول إلى المعلومات والعمل على إلغاء القيود القانونية والإجرائية التي تحد من حرية العمل الصحفي مشددين على أن الحفاظ على الأمن لا يجب أن يكون مبررًا لقمع الحريات أو تكميم الأفواه

وتشير منظمات دولية إلى أن هذا الاتجاه يتماشى مع نمط مستمر من التضييق السياسي منذ سنوات يستهدف تقليص المساحة المدنية والحد من الأدوار الرقابية للإعلام والمجتمع المدني مما يفتح المجال أمام السلطة التنفيذية لتعزيز قبضتها دون معارضة فعلية أو رقابة فعالة

وفي ضوء هذه التطورات تتصاعد الدعوات الحقوقية داخليًا وخارجيًا لمراجعة شاملة للأطر القانونية والتنفيذية المتعلقة بحرية التعبير في مصر وتوفير بيئة تضمن سلامة الصحفيين واستقلال المؤسسات الإعلامية بما يعيد الاعتبار لدور الإعلام في دعم الديمقراطية والتنمية الاجتماعية

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى