ارتفاع ديون الكهرباء إلى 278 مليار جنيه يفاقم أزمة الطاقة بمصر

ارتفعت مديونية قطاع الكهرباء في مصر إلى مستويات غير مسبوقة لتصل إلى 278 مليار جنيه ما يشير إلى تفاقم الأزمة المالية التي تواجه هذا القطاع الحيوي وسط تحديات متصاعدة في تأمين مصادر الطاقة وتكلفة التشغيل في ظل تراجع إمدادات الغاز الطبيعي وزيادة الاعتماد على الوقود عالي الكلفة
وبحسب مصادر مطلعة على ملف الطاقة فإن هذه المديونية المتزايدة جاءت نتيجة سنوات من تراكم الالتزامات المالية على وزارة الكهرباء تجاه جهات حكومية أخرى وعلى رأسها وزارة البترول التي تزود محطات التوليد بالوقود اللازم للإنتاج سواء غاز طبيعي أو مازوت في وقت تواجه فيه البلاد صعوبات في استيراد شحنات الغاز نتيجة ارتفاع الأسعار العالمية وتراجع الإنتاج المحلي
يأتي ذلك في وقت تستعد فيه الحكومة لتنفيذ خطة لهيكلة دعم الكهرباء على مراحل بهدف التخلص منه بالكامل بحلول عام 2027 وتعمل الجهات المعنية حاليا على إعداد خارطة جديدة لأسعار الشرائح الاستهلاكية تشمل زيادات تدريجية في الفواتير بدءا من العام الجاري في إطار مساعٍ لتقليص الفجوة التمويلية وضمان استدامة الإمدادات الكهربائية
ويعد ملف دعم الكهرباء من أبرز التحديات التي تواجه صناع القرار الاقتصادي في مصر في ظل تأثيره المباشر على الموازنة العامة من جهة وعلى القدرة الشرائية للمواطنين من جهة أخرى خاصة في ظل ارتفاع معدلات التضخم وتراجع مستويات الدخل الحقيقي للفئات المتوسطة والضعيفة
وكانت الحكومة قد أرجأت أكثر من مرة تطبيق الزيادات المقررة ضمن خطة رفع الدعم نظرا لتداعيات جائحة كورونا والأزمات الاقتصادية المتلاحقة مثل الحرب في أوكرانيا والتي أدت إلى ارتفاع أسعار الطاقة والسلع والخدمات ما جعل السلطات تتريث في اتخاذ قرارات من شأنها زيادة الأعباء على المواطنين
لكن الضغوط المالية المتزايدة التي يواجهها قطاع الكهرباء نتيجة عدم تحصيل المستحقات من بعض الجهات المستهلكة واستمرار سياسة الدعم جعلت الاستمرار في هذا النهج غير قابل للاستمرار لا سيما في ظل التزامات الدولة تجاه المستثمرين والشركات الدولية العاملة في قطاع الطاقة المتجددة والتي تعتمد على تسديد مستحقاتها بالدولار الأمريكي
ويُنظر إلى تسوية مديونية الكهرباء كأحد الشروط الأساسية لاستمرار الاستثمارات في قطاع الطاقة وإطلاق مشروعات جديدة في مجال الطاقة النظيفة وتحقيق أهداف التحول نحو مصادر أكثر استدامة وتخفيف الاعتماد على الوقود الأحفوري الذي يمثل حاليا النسبة الأكبر من مزيج الطاقة في مصر
ومن المتوقع أن تطرح الحكومة حزمة من السياسات والإجراءات الجديدة خلال الأشهر المقبلة تتضمن تحفيز كفاءة الاستهلاك وتوسيع استخدام العدادات الذكية وتحسين نظم التحصيل والرقابة الميدانية إضافة إلى مواصلة مشروعات الربط الكهربائي مع دول الجوار لتعزيز قدرة الشبكة الوطنية وتوفير مصادر دخل بالعملة الأجنبية من خلال تصدير الفائض
ويتزامن كل ذلك مع ارتفاع حجم الإنفاق الحكومي على مشروعات البنية التحتية في قطاع الكهرباء خلال العقد الأخير بما في ذلك محطات التوليد وشبكات النقل والتوزيع وهو ما رفع التزامات الدولة المالية وزاد من الضغوط على موازنات الوزارات المعنية
ومع استمرار هذه التحديات سيكون أمام الحكومة خياران إما تسريع خطوات الإصلاح الهيكلي للقطاع عبر التحرير الكامل للأسعار وتحسين كفاءة التحصيل أو مواجهة مزيد من الاختلالات المالية التي قد تهدد استقرار المنظومة الكهربائية بأكملها في المدى المتوسط