رسائل مسربة من معتقلين بسجن بدر 3 يسيطر عليها شعور الوداع

في قبو منسي خلف أسوار سجن بدر 3 بدأت رسائل الموت تتوالى من 50 معتقلا يصفهم البعض بالهياكل العظمية وهم يخطون كلمات وداعية من داخل الزنازين مدركين أنهم على مسافة قريبة من نهاية مأساوية يستشعرونها كل صباح في أفق ظالم يتهدد حياتهم على نحو متصاعد
في خلفية هذا المشهد تتراكم روايات لا تُنشر رسميا عن التدهور الصحي الحاد للعديد من المعتقلين بينهم من أصيبوا بأمراض خطيرة نتيجة الإهمال الطبي الطويل والظروف البيئية القاسية داخل السجن حيث تتجلى معاناة هؤلاء في انعدام وصول الرعاية اللازمة وتحويل كل نداء للاستغاثة إلى خطوات عليهم أن يمضوا فيها بمفردهم دون تدخل إنساني مناسب
بحسب المصادر المتاحة على مواقع التواصل الاجتماعي فإن بعض المحتجزين لم يرغبوا بأن يكون الوداع مقيدا بالرقابة الرسمية واختاروا أن تكون رسالتهم بلسان قلوبهم إلى ذويهم والعالم الخارجي متوعدين بلقاء في الآخرة بعد أن حُرموا من فرصة اللقاء في الدنيا
التحليلات الحقوقية تشير إلى أن ما يحدث في سجن بدر 3 ينذر بخطر يطال الجماعة الكلية من المعتقلين خاصة مع تصاعد أرقام الإصابات بمرض السل وأمراض الجهاز التنفسي وارتفاع حالات الهزال الشديد تلك التي تتطلب تدخلا طبيا عاجلا
وتتساءل منظمات حقوق الإنسان عن مدى التزام السلطات بفصل المرضى عن باقي النزلاء وتوفير أماكن علاجية لائقة في ظل وجود زنازين مكتظة تتجاوز الطاقة الاستيعابية ومعدّل التهوية
من زاوية أمنية يبرر مسؤولو السجن القيود القسرية على الزيارات الطبية بانها تهدف إلى الحفاظ على النظام داخل السجن غير أن ذلك يثير شكوكا حول استخدام الأمن كذريعة لرفض منح التسهيلات
في ظل تصاعد نداءات الوداع لمن يصفون أنفسهم بأجساد ترزح تحت وطأة الأسى بدأت دعوات شعبية وحقوقية لتدخل قضائي مستقل لرفع الظلم وتمكين الجمعيات من متابعة الحالة الصحية داخل خلف الأسوار مطالبين بفتح تحقيق فوري ومبادرات صحية عاجلة
من مختلف الزوايا تبدو القضية كأنها بؤرة إنسانية تحتاج لتغطية دولية خاصة وأن النصب على ما يقرب من خمسين جسدا يائسا يعطي مؤشرا مرعبا عن إمكانية حدوث كارثة صحية قد تمتد آثارها إلى الداخل والخارج
يتابع الصحفيون عن كثب بعد تسريب الرسائل كيف سيتفاعل الرأي العام عبر شبكات التواصل الاجتماعي حيث تضخم العبارة الأدبية التي قالها معتقل بدوره انا اخترت الرحيل في حضرة الألم وانا على ثقة بلقائي مع أحبتي في مستقر أرحم من هذا الجحيم وقد اعادت ترديدها صفحات ومجموعات مختلفة
يحاول هذا التقرير أن يكشف خلفية الأزمة الصحية في سجن بدر 3 من زاويتي الملتزم بالحقائق الموثوقة والمحلل للأبعاد الحقوقية ويتابع بأقصى دقة كيف تسعى عائلات المعتقلين والباحثون عن حقوق الإنسان إلى الحفاظ على رسالة هؤلاء كصوت احتجاج إنساني لا يمكن إسكات صداها
ختاما تبدو حالة 50 معتقلا المنكوبين في سجن بدر 3 عبارة عن جرس إنذار يقرع في وجه الضمير الإنساني العالمي فهل سيكون هناك ردة فعل كافية من المجتمع الحقوقي لتخليصهم أم أننا أمام مأساة يقترب منها الصمت بصمت
الكلمة المفتاحية لمتابعة هذه الملف ما زال الموت والترقب والأمل في تداخل محير لتكشف الأحداث القادمة ما إذا سنعيش أمام تحرك أم أمام صمت مكتوب