حوادث وقضايا

محاكم جرائم الأموال بالمغرب تقترب من ملفات فساد محلي معقدة

تعيش الساحة القضائية المغربية على وقع تحركات متصاعدة في اتجاه فتح ملفات مالية حساسة تشمل عددا من المسؤولين المحليين والمنتخبين في الجماعات الترابية والمجالس الإقليمية والجهوية والغرف المهنية بعد فترة من السكون المؤقت الذي فرضته العطلة الصيفية يبدو أن السلطات القضائية عازمة على استئناف الاشتغال بمنهجية مختلفة تترجم الالتزام بتطبيق مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة

القضايا المرتقبة تشمل لائحة من المنتخبين الحاليين والسابقين بعضهم سبق أن تعرض لعقوبات تأديبية من قبل القضاء الإداري من قبيل العزل إلا أن استمرارهم في المشهد السياسي والانتخابي يثير تساؤلات حول مظلة الحماية التي يستفيد منها البعض إداريا وحزبيا خاصة مع غياب موقف واضح من الهيئات السياسية التي ينتمي إليها أغلب هؤلاء المسؤولين

المعطيات المتوفرة تشير إلى أن ملفات الفساد المرتقب عرضها على محاكم جرائم الأموال خلال الأسابيع القادمة تستند إلى شكايات مباشرة تقدم بها مواطنون ومقاولون محليون بالإضافة إلى تقارير رقابية أصدرتها المفتشية العامة للإدارة الترابية والمجالس الجهوية للحسابات

من أبرز التهم التي تتكرر في هذه الملفات نرصد اتهامات تتعلق بالتلاعب في الجبايات المحلية خاصة في ما يتعلق بالرسم على الأراضي غير المبنية وتراخيص الأنشطة الاقتصادية إلى جانب خروقات جسيمة في مجال التعمير حيث استُخدمت بعض الرخص كوسيلة للضغط السياسي أو توزيع الامتيازات بشكل غير قانوني

مصادر مطلعة أكدت أن شبهات قوية تحوم حول علاقات مالية مشبوهة جمعت منتخبين مع مقاولين استفادوا من صفقات متكررة داخل نفس الجماعات أو في مجالات ترابية مجاورة وهو ما يطرح إشكالية تضارب المصالح واستعمال دفاتر شروط مصممة خصيصا لتسهيل فوز مقاولات محددة

في هذا السياق برزت دينامية جديدة مع تعيين مجموعة من العمال في إطار الحركة الانتقالية الأخيرة حيث أظهرت تقاريرهم إلى وزارة الداخلية توجها أكثر صرامة في التعامل مع ملفات التفتيش إذ تم رفع ملاحظات دقيقة حول تبريرات رؤساء جماعات سبق وأن وُجهت إليهم استفسارات بشأن تدبيرهم الإداري والمالي وهو ما يمهد لتحريك مساطر قانونية أو اتخاذ تدابير إدارية

التساؤل الأبرز الذي يطرحه الشارع المغربي اليوم يتمثل في مدى قدرة محاكم جرائم الأموال على تجاوز منطق المحاكمات الشكلية إلى محاسبة فعلية تنتهي بإعادة الاعتبار للعدالة المجالية واسترجاع الثقة في المؤسسات المنتخبة خصوصا مع تنامي القناعة الشعبية بأن الفساد الترابي لم يكن عرضيا بل جزءا من منظومة أوسع يشترك فيها مسؤولون ومنتخبون وشبكات مصالح

ويبقى رهان الإصلاح قائما على تعزيز استقلالية القضاء وتوسيع صلاحيات الهيئات الرقابية وتفعيل قواعد الحكامة الجيدة حتى لا تتحول شعارات المحاسبة إلى مجرد أدوات لتصفية الحسابات أو ترضية الرأي العام في مناسبات ظرفية

في ظل هذا المسار يبقى المواطن هو الحلقة الأضعف في معادلة تتصارع فيها المصالح السياسية والمالية وحيث يظل المال العام عرضة للاختلاس والتبديد دون أن يجد من يحميه بشكل صارم ودائم وإذا كانت هذه التحركات مؤشرًا على إرادة جديدة فإن نجاحها يظل مرهونا بقدرة القضاء على فرض سلطة القانون على الجميع دون استثناء

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى