حقوق وحريات

جوع غزة يفتك بالصغار ونداءات الأمهات تصطدم بصمت العالم

في واحدة من أسوأ الكوارث الإنسانية التي يشهدها العالم في السنوات الأخيرة تتعرض غزة لمجاعة متصاعدة وسط حصار خانق ودمار واسع طال البنية التحتية الحيوية حيث تتفاقم معاناة السكان يوما بعد يوم لتتحول حياة الآلاف إلى صراع يومي من أجل البقاء في ظل عجز كامل عن تلبية الاحتياجات الأساسية وغياب تحرك فعّال من المجتمع الدولي

مع استمرار الحصار المفروض على القطاع وتراجع إمدادات الغذاء والماء والكهرباء تزداد حالات سوء التغذية الحاد بين الأطفال وتبرز مشاهد الأمهات وهنّ يجهشن بالبكاء لعدم قدرتهن على إطعام صغارهن مئات الآلاف من العائلات تعيش بلا وجبة غذائية واحدة مكتملة بينما تتكدس طوابير المدنيين أمام مراكز الإغاثة على أمل الحصول على كيس دقيق أو عبوة حليب لأطفالهم

المأساة باتت أوسع من مجرد أزمة غذائية فهي أزمة مركبة تشمل انهيار النظام الصحي وتوقف المستشفيات عن العمل جراء نقص الوقود والإمدادات الطبية وانتشار الأمراض الناجمة عن انعدام المياه الصالحة للشرب وتلوّث البيئة المحيطة وغياب النظافة العامة مما يفاقم من حالة الطوارئ المستمرة منذ شهور

التقارير الحقوقية تشير إلى أن أكثر من نصف مليون شخص في غزة يواجهون خطر المجاعة الفعلية بينما يعاني ما يزيد عن 66 ألف طفل من سوء تغذية حاد يهدد حياتهم وتؤكد مصادر طبية أن بعض الأطفال يصلون إلى مراكز العلاج وهم في مراحل متأخرة من الجفاف وفقر الدم نتيجة نقص العناصر الغذائية الأساسية وعدم توفر الحليب الصناعي للرضّع

مشاهد الفوضى والموت باتت تتكرر في مراكز توزيع المساعدات حيث وقعت عدة حوادث مميتة بسبب التدافع على الغذاء والماء ونتج عنها وفاة نساء وأطفال خنقاً أو دهساً في مشاهد تعكس هشاشة الوضع الإنساني وخطورة التكدس أمام أبواب النجاة

المنظمات الإغاثية تعاني في ظل استمرار إغلاق المعابر وتأخير إدخال المساعدات رغم المطالب الدولية بفتح الممرات الإنسانية دون قيد أو شرط وتوفير الحماية الفعلية لقوافل الإغاثة وتسهيل إيصالها إلى المناطق المتضررة التي تعاني من العزلة التامة في شمال ووسط القطاع

الأزمة في غزة لم تعد قابلة للاحتواء من خلال شحنات غذاء محدودة أو مبادرات مؤقتة بل تتطلب تدخلًا دوليًا عاجلًا يشمل إجراءات فورية لرفع الحصار وتأمين ممرات آمنة وتوفير مقومات الحياة الأساسية وضمان عدم استخدام الغذاء كسلاح في الصراع السياسي

دموع الأمهات في غزة تحكي قصصا موجعة عن أبناء جائعين لا يجدون ما يسدّ رمقهم وحليب مفقود يهدد أرواح الرضّع بينما تزداد أعداد الضحايا بصمت وتبقى النداءات من الداخل الفلسطيني تصطدم بجدار من اللامبالاة والتقاعس

المشهد اليومي في غزة يعكس انهيارًا تامًا للمقومات الإنسانية أطفال ينامون على بطون خاوية ونساء يجهدن لتوفير أي طعام يقي أبناءهن الموت في وقت تتصاعد فيه الدعوات الحقوقية لإعلان غزة منطقة منكوبة دوليا وتحميل المجتمع الدولي مسؤوليته في إنهاء هذه المأساة قبل أن تتحول إلى إبادة جماعية بصيغة التجويع الممنهج

السؤال الذي يفرض نفسه وسط هذا السكون العالمي المؤلم هو متى يتحرك الضمير العالمي لإنقاذ غزة وهل من سامع لنداء أم فقدت طفلها جوعًا في وضح النهار

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى