شركات أمريكية تستعد لإعادة تأهيل قطاع الطاقة السوري بعد سنوات من الحرب

تشهد سوريا حراكًا لافتًا في مجال الطاقة مع دخول شركات أمريكية إلى الساحة الاستثمارية بعد سنوات من الانقطاع بفعل العقوبات والصراع الدامي الذي ألحق دمارًا واسعًا بالبنية التحتية في البلاد خصوصًا في قطاعي النفط والكهرباء حيث أعلنت ثلاث شركات رائدة تعمل في مجال الطاقة عن اتفاق لتطوير خطة شاملة تستهدف إعادة بناء شبكة الطاقة السورية وإعادة إطلاق مشاريع تنقيب وإنتاج الغاز والنفط وتوليد الكهرباء على مراحل
يأتي هذا التحرك بعد إعلان واشنطن عن رفع العقوبات الاقتصادية المفروضة على دمشق نهاية يونيو الماضي وهو ما مهّد الطريق أمام شركات بيكر هيوز وهانت إنرجي وأرجنت للدخول إلى السوق السوري من بوابة قطاع الطاقة الحيوي ويبدو أن هذه الشراكة تستند إلى تقييم مبدئي للفرص المتاحة في السوق السوري إذ تنوي الأطراف المعنية تنفيذ مشروع متكامل يبدأ من التنقيب عن الموارد الطبيعية مرورًا بإنتاج الوقود وصولًا إلى بناء محطات توليد كهرباء متطورة تعمل بالدورة المركبة
وقد أكد عدد من المسؤولين التنفيذيين الذين زاروا دمشق الأسبوع الماضي على أهمية استعادة قدرات التوليد في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة السورية غرب نهر الفرات حيث يتركز اهتمام المرحلة الأولى من المشروع مع الإشارة إلى أن معظم الاحتياطيات النفطية السورية تقع شرق البلاد وهي مناطق لا تزال تحت سيطرة قوات سوريا الديمقراطية المدعومة من الولايات المتحدة
وفي هذا السياق دعا مسؤولون أمريكيون تلك القوات إلى الانخراط في عملية سياسية جديدة تشمل ترتيبات مع السلطات المركزية في دمشق في مرحلة ما بعد الأسد ما يشير إلى تغيرات محتملة في التوجهات الأمريكية تجاه الملف السوري
ويأتي هذا التحول في وقت لا يتجاوز فيه إنتاج الكهرباء في سوريا حاليًا 1.6 غيغاواط مقارنة بـ 9.5 غيغاواط قبل عام 2011 وهي أرقام تعكس عمق الأزمة التي يعاني منها هذا القطاع الحيوي والذي بات يتطلب استثمارات ضخمة لإعادة إنعاشه
في مايو الماضي وقعت الحكومة السورية مذكرة تفاهم مع شركة أورباكون القابضة القطرية لتنفيذ مشروع ضخم في مجال الطاقة بقيمة 7 مليارات دولار يتضمن إنشاء أربع محطات كهرباء تعمل بتوربينات الغاز بالإضافة إلى محطة طاقة شمسية بقدرة ألف ميغاواط في جنوب البلاد مما يشير إلى اهتمام متزايد من الشركات الإقليمية والدولية بالمساهمة في إعادة إعمار البنية التحتية
من جهته أعلن وزير المالية السوري محمد يسر برنية أن هناك تزايدًا ملحوظًا في اهتمام الشركات الأمريكية بالاستثمار في سوريا واعتبر أن تحالف الشركات الثلاث الأمريكية يشكل نواة لمشروع طويل الأمد يستهدف دعم الاقتصاد السوري وتحقيق قدر من الاستقرار عبر توفير الطاقة
وكانت زيارة ممثلي الشركات الأمريكية إلى دمشق قد تزامنت مع تصعيد عسكري جديد حين شنت إسرائيل سلسلة من الغارات الجوية على العاصمة ما ألقى بظلال أمنية على مستقبل الاستثمارات الغربية في البلاد ورغم ذلك أكد المسؤولون التنفيذيون التزامهم بالمضي قدمًا في تنفيذ الخطة
وفي تقرير صدر مؤخرًا عن منظمة التنمية العالمية للطاقة أشار محللون إلى أن إعادة تشغيل قطاع الطاقة في سوريا يمثل أولوية استراتيجية ليس فقط لدعم جهود الإعمار بل أيضًا لتأمين استقلالية جزئية للاقتصاد المحلي عن تقلبات الأسواق الخارجية
المشروع الأمريكي الجديد قد يفتح نافذة أمل أمام السوريين الذين يعانون من شح الكهرباء والوقود في مختلف المناطق لكنه في الوقت نفسه يطرح تساؤلات حول الأبعاد السياسية والجيواقتصادية لتحول الموقف الأمريكي تجاه دمشق ومدى قدرة هذا الانفتاح على خلق توازن جديد في خارطة التحالفات الإقليمية والدولية الخاصة بسوريا