اقتصاد

أميركا والاتحاد الأوروبي يسابقان الزمن لتفادي الرسوم الجمركية في أغسطس

تتكثف الجهود السياسية والاقتصادية بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي في محاولة لتفادي أزمة تجارية وشيكة مع اقتراب الأول من أغسطس وهو الموعد الذي حدده البيت الأبيض لبدء فرض رسوم جمركية جديدة قد تطال واردات أوروبية ومكسيكية بنسبة تصل إلى 30 بالمئة في حال لم يتم التوصل إلى اتفاق تجاري شامل

في هذا السياق تبرز مؤشرات على تقدم في مسار المفاوضات إذ أبدى وزير التجارة الأميركي هوارد لوتنيك تفاؤله حيال إمكانية التوصل إلى تفاهم مع الشركاء الأوروبيين واصفًا أجواء النقاش بأنها إيجابية وواعدة خاصة بعد سلسلة من الاتصالات الهاتفية التي أجراها مع كبار المفاوضين الأوروبيين والتي أظهرت حسب وصفه استعدادًا حقيقيًا من الطرفين لتجاوز العقبات والبحث عن أرضية مشتركة

التقارب بين الجانبين يأتي في ظل تصاعد الضغوط الداخلية والخارجية على إدارة واشنطن التي تسعى لإعادة تشكيل قواعد التجارة العالمية بما يخدم مصالحها الاقتصادية ويرد على ما تعتبره اختلالات مزمنة في الميزان التجاري مع حلفائها التقليديين إلا أن هذه المقاربة التصعيدية لا تخلو من المخاطر خصوصًا في ظل هشاشة سلاسل التوريد العالمية التي ما زالت تتعافى من تداعيات الجائحة العالمية

ويرى مراقبون أن فرض رسوم جديدة على السلع الأوروبية قد يشعل حربًا تجارية شاملة لا تقتصر آثارها على طرفي النزاع بل تمتد لتشمل أسواق المال والاستثمار العالمي خاصة في ظل ارتباط الأسواق الأميركية والأوروبية بعلاقات اقتصادية معقدة ومتشابكة ويشير تقرير منظمة التجارة العالمية الأخير إلى أن التوترات التجارية بين الاقتصادات الكبرى تسببت في انخفاض معدل نمو التجارة العالمية بنسبة لافتة خلال العام الماضي وهو ما يهدد بمزيد من التباطؤ إذا تصاعدت الإجراءات الحمائية

من جانب آخر تحاول بروكسل استغلال ما تبقى من الوقت لإقناع الجانب الأميركي بعدم المضي قدمًا في قرار فرض الرسوم مؤكدة استعدادها لتقديم تنازلات محسوبة دون المساس بالثوابت السيادية الأوروبية بينما تتابع عواصم أوروبية عديدة هذا الملف عن كثب نظرًا لتأثيره المباشر على الصناعات الثقيلة وقطاع الزراعة في دول مثل ألمانيا وفرنسا وإيطاليا

وتؤكد مصادر مطلعة أن المفاوضات الجارية تشمل ملفات تتعلق بالمعايير البيئية والضريبية والتجارة الرقمية وحقوق الملكية الفكرية وهي مواضيع معقدة تحتاج إلى توافقات دقيقة قد لا تتاح في المدى الزمني الضيق المحدد

في هذا المشهد المتشابك يبدو أن خيار فرض الرسوم لم يعد مجرد ورقة ضغط تفاوضية بل احتمال واقعي إذا لم تسفر اللقاءات الأخيرة عن نتائج ملموسة خلال الأيام القليلة المقبلة ما قد يفتح الباب أمام مرحلة جديدة من الصراع التجاري بين ضفتي الأطلسي ويعيد ترتيب أولويات العلاقات الاقتصادية الدولية في ظل نظام تجاري عالمي بات أكثر تقلبًا وانكشافًا

المتابعة الجارية لهذا الملف تؤكد أن ما يجري ليس مجرد خلاف تقني حول نسب الرسوم أو معايير التبادل بل هو صراع أوسع حول من يرسم قواعد الاقتصاد العالمي في العقود المقبلة

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى