بسبب مجازر الدروز..تهجير كثير من العائلات البدوية من السويداء السورية

شرعت السلطات السورية، صباح اليوم الاثنين، في إجلاء مئات العائلات البدوية من مدينة السويداء ذات الغالبية الدرزية، وذلك في اليوم الثاني من تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار الذي أنهى أسبوعًا من الاشتباكات الطائفية الدامية.
ووثّق مراسل وكالة “فرانس برس” مشاهد لحافلات وسيارات خاصة تُقل نساء وأطفالًا بدو باتجاه مراكز إيواء في محافظتي درعا وريف دمشق، بالتنسيق مع الهلال الأحمر العربي السوري، في مشهدٍ وصفه شهود بأنه “تهجير منظم”، يأتي على خلفية واحدة من أكثر جولات العنف دموية في الجنوب السوري منذ سنوات.
وأسفرت المواجهات، التي اندلعت في 13 يوليو الماضي، بين مسلحين دروز وآخرين من العشائر البدوية، عن مقتل أكثر من 1100 شخص، غالبيتهم من المدنيين، وفقًا للمرصد السوري لحقوق الإنسان، كما أدت إلى نزوح ما يزيد على 128 ألف شخص.
وقال مسؤول أمني سوري لـ”فرانس برس”، إن الدفعة الأولى من المهجّرين شملت نحو 300 شخص، على أن تُستكمل العملية بإجلاء نحو 550 آخرين خلال الساعات المقبلة. وتأتي هذه الخطوة بعد انسحاب مقاتلي العشائر من المدينة واستعادة الفصائل المحلية الدرزية السيطرة على معظم مناطق السويداء.
وأكدت وكالة الأنباء السورية الرسمية أن عدد المرحّلين من المدينة قد يصل إلى 1500 شخص من أبناء العشائر، بينهم جرحى ونساء وأطفال، وسط حديث عن ترتيبات لاحقة تشمل تبادل أسرى وتسليم جثث القتلى.
وشهدت مناطق مختلفة في أطراف المدينة خروقات للهدنة، تمثلت في إطلاق قذائف وهجمات بمسيّرات نفّذها مقاتلون من العشائر، وفقًا للمرصد السوري، مما يضع الاتفاق على المحك، في ظل هشاشة الوضع الأمني ومخاوف من تجدّد القتال.
وتحولت مستشفيات السويداء إلى ساحات للموت، مع تكدس الجثث في الممرات والمشارح، وظهور عشرات الجثث المجهولة الهوية، ما يشير إلى حجم الكارثة الإنسانية التي خلّفتها المواجهات، في وقت تعاني فيه المنطقة من انقطاع الكهرباء والمياه ونقص حاد في الغذاء والخدمات الطبية.
وفيما تتحدث السلطات عن “عودة تدريجية للاستقرار”، يرى مراقبون أن عملية الإجلاء، وإن جرت تحت عنوان حماية المدنيين، تحمل في طياتها مؤشرات على تطهير سكاني على أسس طائفية، يهدد بتوسيع رقعة الانقسام بين مكونات الجنوب السوري.
ويشكّل هذا التهجير اختبارًا حقيقيًا للرئيس أحمد الشرع، الذي تعهد أخيرًا بحماية الأقليات ومحاسبة “جميع المنتهكين من أي طرف”، في وقت تتهمه فيه منظمات حقوقية دولية بالتقاعس عن حماية المدنيين، خصوصًا في مناطق النزاع الطائفي كسهل الغاب والساحل.
وتبقى الأوضاع الإنسانية في السويداء حرجة، إذ أفادت الأمم المتحدة بأن المساعدات ما تزال تواجه صعوبات في الوصول، ولم يُسمح بدخول سوى قافلة واحدة للهلال الأحمر، فيما تنتظر قوافل الإغاثة الأخرى السماح بالعبور منذ أيام، وسط تقارير عن انتشار الجثث في الشوارع وتهديدات صحية جسيمة بسبب عدم دفنها.