عقوبات أوروبية جديدة تستهدف بنوكًا ومصانع روسية وتثير مخاوف اقتصادية عالمية

فرض الاتحاد الأوروبي حزمة جديدة من العقوبات الاقتصادية على روسيا هي الثامنة عشرة منذ اندلاع الأزمة الأوكرانية وتضمنت هذه الحزمة توسيعًا غير مسبوق لنطاق العقوبات لتشمل 22 بنكًا روسيًا وعددًا كبيرًا من المصانع والشركات والأفراد في خطوة تهدف إلى تصعيد الضغط على موسكو وتقويض قدراتها الاقتصادية والتكنولوجية
وتستهدف هذه الإجراءات مؤسسات مالية مؤثرة في المشهد المصرفي الروسي منها T-Bank وYandex Bank وOzon Bank وSurgutneftegazbank وSevergazbank وEnergotransbank وتعد هذه الكيانات من الركائز الأساسية للتمويل المحلي ولها أدوار في تمويل مشاريع الطاقة والصناعات العسكرية
وامتدت العقوبات إلى قطاعات التصنيع والطاقة والتقنيات الدقيقة حيث شملت مصانع مثل “أوليانوفسك لمعدات التصنيع” المتخصصة في إنتاج مكونات صناعية استراتيجية و”أليكسينسكي” لأجهزة القياس إضافة إلى مصنع “ريازان” الحكومي المعروف بإنتاج المعدات الثقيلة مما يعكس توجهًا أوروبيًا لمحاصرة القدرات الصناعية الروسية
كما شملت القائمة شركات تقنية وصناعية بارزة منها Polymer and Inroel وKraftek وAeroscan وهي شركات تنشط في مجالات الإلكترونيات والطيران والتقنيات الدقيقة وتضم قائمة الكيانات الخاضعة للعقوبات 41 جهة قانونية بينها 18 كيانًا مسجلًا في دول منها الإمارات وسنغافورة وموريشيوس والصين والهند وأذربيجان مما يعكس قلق بروكسل من الالتفاف على العقوبات عبر شبكات دولية
في المقابل أدت العقوبات الغربية منذ بدء الأزمة إلى انسحاب جماعي للشركات الأجنبية من السوق الروسية وهو ما خلّف فراغًا كبيرًا خاصة في قطاعات الأغذية والسيارات والتجزئة فخلال الأعوام الماضية غادرت أسماء بارزة منها ماكدونالدز وستاربكس وكوكا كولا في قطاع المطاعم والمشروبات بينما أغلقت شركات مثل آيكيا وH&M فروعها في قطاع التجزئة
قطاع السيارات بدوره شهد خروج شركات عملاقة مثل فولكسفاغن وتويوتا وفورد وبي إم دبليو ومرسيدس من السوق الروسية ولكن هذه الانسحابات فتحت الباب أمام منتجات محلية بديلة إذ صعدت شركات روسية مثل لادا وموسكوفيتش لملء الفراغ إضافة إلى استحواذ جهات روسية على أصول هذه الشركات بأسعار رمزية وفق سياسات حكومية شجعت ذلك
أما في قطاع الأغذية فظهرت علامات تجارية بديلة مثل فكا كولا وجرين كولا إلى جانب سلسلة فكوسي رستوراني التي ورثت مقرات ماكدونالدز ويعمل فيها أكثر من 165 ألف موظف
وبحسب تقرير صادر عن منظمة الاقتصاد العالمي فإن الخسائر التي تكبدتها الشركات الغربية بسبب انسحابها من السوق الروسية والعقوبات المفروضة تجاوزت 1.5 تريليون دولار حتى الحزمة السابعة عشرة وتشير تقديرات اقتصادية إلى أن الحزمة الثامنة عشرة قد تضيف أعباء أكبر على اقتصادات الاتحاد الأوروبي في ظل تعقيدات سوق الطاقة وسلاسل التوريد
ويتوقع خبراء أن تتصاعد الضغوط على العواصم الأوروبية التي تواجه انتقادات داخلية متزايدة بشأن تداعيات هذه العقوبات على الاقتصاد المحلي خصوصًا في ظل تراجع الصادرات وارتفاع معدلات التضخم ما قد يدفع بعض الدول لمراجعة سياساتها التجارية مع دول محايدة تشكل ممرًا لتلك العقوبات
تأتي هذه التطورات في وقت يشهد فيه الاقتصاد الروسي محاولات حثيثة لتعويض الأضرار من خلال تعزيز الإنتاج المحلي وتوسيع الشراكات مع الدول الآسيوية والأفريقية وهو ما قد يعيد تشكيل خريطة العلاقات الاقتصادية العالمية في السنوات المقبلة