حوادث وقضايا

جنايات أسيوط تحيل شقيقين إلى المفتي تمهيدًا لإعدامهما بتهمة قتل أبناء عمهم ثأرًا لوالدهم

في قاعة يغلفها الصمت والترقب، وتحت أعين العدالة الساهرة، أسدلت الدائرة العاشرة بمحكمة جنايات أسيوط الستار على واحدة من أكثر قضايا الثأر المأساوية التي شهدتها محافظة أسيوط، بإحالة أوراق شقيقين إلى فضيلة مفتي الجمهورية لإبداء الرأي الشرعي في إعدامهما، بعد اتهامهما بقتل اثنين من أبناء عمومتهم، فيما قررت المحكمة تأجيل النطق بالحكم على شقيقيهما الآخرين لجلسة اليوم الأول من دور شهر أغسطس المقبل.

وجاء الحكم بعد جلسة امتدت لساعات، ترأسها المستشار محمد رفاعي عبد الحافظ، رئيس المحكمة، بعضوية المستشارين أحمد محمد حلاوة، الرئيس بالمحكمة، وحسين إبراهيم محمد، نائب رئيس المحكمة، وبحضور أمانة السر عبد المنصف إبراهيم وعاطف رمسيس.

بداية المأساة.. بلاغ وجثتان في “البلايزة”

تعود أحداث القضية رقم 3047 لسنة 2025 جنايات مركز أبوتيج إلى لحظة مأساوية تلقت فيها الأجهزة الأمنية بلاغًا عاجلًا بوقوع إطلاق أعيرة نارية في قرية البلايزة، التابعة لمركز أبوتيج، وسقوط قتيلين في مشهد دموي هز أرجاء القرية.

انتقلت على الفور قوة من مباحث المركز بقيادة الرائد مصطفى جمال عبد الناصر، رئيس وحدة المباحث، إلى موقع الحادث، حيث كشفت المعاينة الأولية عن مقتل الشقيقين “عقيلي. ش. ع” و”طه. ش. ع”، وسط حالة من الفزع بين الأهالي.

تحريات دامغة تكشف خيوط الجريمة

أسفرت التحريات الدقيقة التي أجرتها مباحث المركز عن مفاجأة مدوية، إذ تبين أن الجناة ليسوا غرباء عن القتيلين، بل هم أربعة أشقاء من أبناء عمومتهم، وهم: “محمود. ح. ع”، “عقيلي. ح. ع”، “محمد. ح. ع”، و”معزوزة. ح. ع”. وقد كشفت التحريات أن الجريمة جاءت نتيجة خصومة ثأرية قديمة، حيث يتهم المتهمون المجني عليه الأول بقتل والدهم في واقعة سابقة.

تخطيط مُحكم وسلاح ناري وساطور.. والنية القتل

وبحسب التحقيقات، فقد بيت المتهمون النية للانتقام، وقاموا بإعداد بندقية إنجليزية وسلاح أبيض من نوع “ساطور”، وتوجهوا في وضح النهار إلى منزل الضحيتين، حيث نفذوا جريمتهم البشعة بدم بارد، في مشهد أعاد إلى الأذهان مآسي الثأر التي ما تزال تطل برأسها بين العائلات في صعيد مصر.

العدالة تأخذ مجراها.. والمفتي على خط النهاية

وبعد مرافعات مطولة ومداولات استمرت على مدار عدة جلسات، انتهت هيئة المحكمة إلى قرارها الصارم بإحالة أوراق المتهمين الأول والثاني إلى فضيلة المفتي، تمهيدًا لإعدامهما، في إشارة واضحة على أن يد العدالة لا تتهاون مع سفك الدماء، خاصة حين يُسفك باسم الثأر.

فيما قررت المحكمة تأجيل النطق بالحكم على الشقيقين الآخرين إلى جلسة اليوم الأول من دور شهر أغسطس، لاستكمال النظر في الدعوى.

مشهد متكرر أم ناقوس خطر؟

تعيد هذه القضية فتح ملف الثأر مجددًا في صعيد مصر، حيث لا تزال بعض العائلات تعاني من إرث قديم من الدم والانتقام، وتطرح تساؤلات عن جدوى جهود المصالحة، وجدوى القانون في مواجهة ثقافة السلاح والثأر.

وفي انتظار كلمة المفتي، يترقب الشارع الأسيوطي ما ستؤول إليه الجلسة القادمة، وسط دعوات بأن تكون هذه القضية نهاية لمسلسل دامٍ، لا يجب أن يُكتب له جزء جديد.

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى