رئيس الكاميرون يعلن ترشحه مجددًا وسط جدل حول صحته وحكمه الطويل

أعلن رئيس الكاميرون بول بيا الذي يبلغ من العمر 92 عامًا نيته الترشح لولاية رئاسية جديدة في الانتخابات المرتقبة عام 2025 مما يفتح الباب أمام جدل واسع داخل البلاد وخارجها حول مستقبل الحكم والاستقرار السياسي في الدولة الواقعة وسط إفريقيا
بول بيا الذي يتولى السلطة منذ عام 1982 يعتبر أقدم رئيس دولة حاليًا على مستوى العالم وثاني رئيس للكاميرون منذ استقلالها عن فرنسا عام 1960 وقد شهدت فترة حكمه التي امتدت لأكثر من أربعة عقود العديد من المحطات السياسية والاقتصادية المثيرة للجدل بما في ذلك اتهامات بالفساد والتضييق على الحريات وقمع المعارضين لا سيما في المناطق الناطقة بالإنجليزية غربي البلاد
وعلى الرغم من تقدمه في السن وتكرار رحلاته إلى الخارج لأغراض علاجية في السنوات الأخيرة مما أثار تكهنات بشأن نيته التنحي أو عدم قدرته على مواصلة أداء مهامه فإن إعلان الترشح الأخير جاء لينسف تلك التوقعات ويعيد طرح الأسئلة القديمة حول غياب التناوب السلمي على السلطة في الكاميرون
وتعاني البلاد منذ سنوات من أزمات متشابكة على المستويين السياسي والأمني حيث اندلعت اضطرابات مسلحة في المناطق الغربية الناطقة بالإنجليزية بسبب ما تعتبره المعارضة تهميشًا من قبل الحكومة المركزية ويُتهم النظام الحاكم باستخدام القوة المفرطة ضد الحركات الانفصالية والاحتجاجات الشعبية وهو ما أدى إلى تفاقم الأوضاع وارتفاع أعداد النازحين واللاجئين
تقارير حقوقية عدة من منظمات دولية بينها منظمة العفو الدولية وثّقت انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان خلال الأعوام الماضية بما في ذلك عمليات اعتقال تعسفي وتعذيب وملاحقة للصحفيين والنشطاء السياسيين في وقت تصر فيه الحكومة على أن هذه الإجراءات ضرورية لحفظ الأمن ومواجهة الإرهاب الداخلي
ويرى محللون أن استمرار بول بيا في الحكم لفترة ثامنة سيكون اختبارًا حاسمًا لمستقبل الكاميرون السياسي وسط مطالبات متصاعدة بإصلاحات دستورية وتفعيل آليات ديمقراطية حقيقية تتيح المشاركة الشعبية وتضمن تداول السلطة خاصة في ظل التحديات الاقتصادية التي تعاني منها البلاد مثل ارتفاع معدلات الفقر والبطالة وتراجع الاستثمارات الأجنبية
ويثير إعلان الترشح في هذا التوقيت تساؤلات حول ملامح المشهد الانتخابي المقبل واحتمالات حدوث تغييرات جوهرية في موازين القوى السياسية لا سيما في ظل غياب واضح لمعارضة موحدة قادرة على خوض منافسة انتخابية فعالة أو تقديم بديل سياسي يحظى بدعم جماهيري واسع
كما يُسلط هذا القرار الضوء على أزمة شيخوخة السلطة في القارة الإفريقية حيث تتكرر مشاهد الحكام الذين يمكثون في الحكم لعقود طويلة دون إفساح المجال أمام الأجيال الجديدة للمشاركة في صنع القرار وهو ما يُنظر إليه باعتباره أحد أبرز معوقات التنمية والاستقرار في العديد من الدول الإفريقية
في ضوء كل هذه المعطيات تتجه الأنظار إلى انتخابات 2025 باعتبارها محطة فارقة في تاريخ الكاميرون الحديث فإما أن تُكرس واقع الحكم الممتد لعقود أو تمهد لتحول سياسي كبير يعتمد على تطلعات شعب يسعى لمستقبل أكثر عدلًا ومساواة