مصر

مصر تدرس توسيع شراكاتها الدفاعية مع الصين لتنويع مصادر السلاح

في تحرك يعكس تحولًا استراتيجيًا لافتًا في العقيدة العسكرية المصرية بدأت القاهرة خطوات عملية لتعزيز تعاونها العسكري مع الصين ضمن سياسة شاملة تهدف إلى تنويع مصادر السلاح وتوسيع هامش الاستقلالية في اتخاذ القرار الدفاعي بعيدًا عن التأثيرات الغربية التقليدية

تشير معلومات مؤكدة إلى أن مباحثات مكثفة تجرى حاليًا بين مسؤولين عسكريين من الجانبين المصري والصيني تشمل ملفات عدة تتعلق بتطوير التعاون الدفاعي في مجالات التسليح الحديث والتدريب المشترك وتبادل الخبرات في تقنيات الدفاع السيبراني والحرب غير التقليدية

هذا التوجه الجديد لا يُعد خروجًا عن الإطار التقليدي للعلاقات العسكرية القائمة فحسب بل يمثل أيضًا انعكاسًا لتقديرات استراتيجية ترى في الاعتماد على مصدر وحيد للتسليح مخاطرة غير محسوبة خاصة في ظل التحولات الجيوسياسية المتسارعة والمواقف المتقلبة لبعض الدول الكبرى فيما يتعلق بتزويد مصر بأنظمة تسليحية متقدمة

مصادر مطلعة كشفت أن التعاون الجاري لا يقتصر فقط على الجوانب الفنية واللوجستية بل يشمل احتمالات واقعية لتوقيع اتفاقيات مستقبلية تتضمن توريد منظومات قتالية صينية ذات طابع هجومي ودفاعي في آن واحد ومن بين هذه المنظومات أسلحة ذات تكنولوجيا عالية يمكن أن تسهم في تقوية قدرات الردع المصرية في ظل التهديدات الإقليمية المتصاعدة

ويأتي هذا التوجه في إطار سياسة مصرية واضحة المعالم تستهدف تقليص الاعتماد على السلاح الأمريكي تحديدًا وذلك بعد تعثر بعض الصفقات أو وضعها تحت ضغوط سياسية ترتبط بمفاهيم مثل ضمان التفوق النوعي لطرف إقليمي معين وهي السياسة التي كثيرًا ما قيدت الخيارات المصرية في مجالات حيوية كشراء الطائرات المقاتلة المتطورة

اللافت أن مصر لا تضع الصين بديلًا حصريًا في هذه المعادلة بل تسعى في الوقت ذاته إلى تفعيل شراكات دفاعية متعددة مع دول مثل روسيا وعدد من القوى الأوروبية وهي خطوة توصف بأنها تفتح المجال أمام تحديث المنظومة الدفاعية المصرية دون الخضوع لشروط سياسية تمس السيادة الوطنية

وتشير تقييمات حديثة صادرة عن منظمات دولية معنية بالشؤون الدفاعية إلى أن الشرق الأوسط يشهد خلال السنوات الأخيرة تحولًا متسارعًا في طبيعة التحالفات العسكرية إذ تتجه العديد من الدول إلى بناء علاقات متوازنة مع أطراف متعددة في قطاع التسليح وهو ما يفسر جزئيًا الانفتاح المصري على التكنولوجيا الصينية التي باتت تنافس نظيرتها الغربية من حيث الجودة والفعالية

ويرى مراقبون أن القاهرة تسعى من خلال هذه الخطوة إلى تحقيق معادلة دقيقة تجمع بين تأمين احتياجاتها الدفاعية وتحقيق قدر أكبر من الاستقلالية في القرار العسكري بما يضمن جاهزية القوات المسلحة المصرية للتعامل مع أي تهديدات محتملة سواء كانت تقليدية أو غير نمطية

وتبرز في هذا السياق أهمية تطوير قدرات الحرب السيبرانية ومكافحة الإرهاب كأولويات بارزة ضمن أي تعاون عسكري جديد خاصة في ظل التحولات التي طرأت على مفهوم التهديدات الأمنية خلال العقد الأخير

في المحصلة فإن التوجه المصري نحو توسيع قاعدة شركائها في مجال التسلح لا يعبّر فقط عن تحول تكتيكي بل يكشف عن رغبة استراتيجية لبناء منظومة دفاعية حديثة وفعالة تعتمد على التعدد لا على البديل وتسعى لتعزيز الدور الإقليمي للقاهرة باعتبارها قوة محورية في معادلة الأمن الإقليمي

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى