تصعيد جديد في غزة يهدد العمليات الإنسانية واستهداف مباشر لمنظمة الصحة العالمية

في تصعيد خطير للأزمة الإنسانية المتفاقمة في قطاع غزة تعرضت منشآت ومقار تابعة لمنظمة الصحة العالمية في مدينة دير البلح لهجمات عنيفة طالت مقر إقامة طاقمها والمستودع الرئيسي للإمدادات الطبية وسط تحذيرات متزايدة من انهيار النظام الصحي في القطاع المحاصر
وقد شهدت دير البلح الواقعة وسط قطاع غزة سلسلة من الهجمات المكثفة بالتزامن مع تحركات عسكرية إسرائيلية موسعة شملت مناطق لم تشهد عمليات برية منذ بدء الحرب في أكتوبر 2023 مما أدى إلى موجة جديدة من النزوح القسري بعد إصدار الجيش الإسرائيلي أوامر إخلاء لسكان المدينة
المعلومات الميدانية تشير إلى أن مقرات تابعة لمنظمة الصحة العالمية بما في ذلك مكان إقامة موظفيها تعرضت لثلاثة هجمات متتالية في يوم واحد الأمر الذي دفع الطاقم للإخلاء الفوري مع إجبار النساء والأطفال على السير لمسافات طويلة سيراً على الأقدام نحو منطقة المواصي جنوب القطاع بينما تم تقييد رجال الطاقم وعائلاتهم وتجريدهم من ملابسهم واستجوابهم ميدانياً تحت تهديد السلاح
وتمكنت المنظمة لاحقاً من إجلاء 32 شخصاً من طاقمها وعائلاتهم إلى مكتبها الرئيسي إلا أن الجيش الإسرائيلي احتجز أربعة منهم بينهم اثنان من العاملين واثنان من أفراد أسرهم وتم الإفراج عن ثلاثة منهم بينما لا يزال أحدهم قيد الاحتجاز
مصادر في منظمة الصحة العالمية أكدت أن المستودع الطبي الرئيسي في دير البلح قد تضرر بشدة نتيجة قصف مباشر أسفر عن اندلاع حريق كبير أدى إلى خروج المستودع عن الخدمة تماماً وهو ما يهدد بإيقاف عمليات الإمداد الطبية في القطاع بشكل شبه كامل في ظل نفاد الأدوية والمستلزمات الحيوية
المنظمة حذّرت من أن أوامر الإخلاء الإسرائيلية تشمل أيضاً مقار أخرى لها في دير البلح وهو ما يعقّد عمل الفرق الطبية ويزيد من مخاطر انهيار المنظومة الصحية التي تعاني بالفعل من نقص حاد في الوقود والمعدات والأدوية ويهدد بتوقف خدمات الرعاية الحرجة في المستشفيات التي تعمل تحت ظروف استثنائية منذ بدء الحرب
ودعت المنظمة المجتمع الدولي والدول الأعضاء إلى التدخل العاجل لضمان تدفق مستمر وآمن للإمدادات الطبية عبر الممرات الإنسانية محذّرة من أن إضعاف قدرتها على الاستجابة الصحية سيؤدي إلى كارثة صحية محققة في غزة
وفي الوقت الذي يتصاعد فيه القصف على دير البلح ويزداد الضغط على المدنيين تتجدد المطالبات الدولية بضرورة وقف فوري لإطلاق النار وتوفير الحماية الكاملة للعاملين في المجال الإنساني وضمان احترام القانون الدولي الإنساني بما في ذلك تحييد المنشآت الطبية والإنسانية عن الأعمال القتالية
الأحداث الأخيرة في دير البلح تكشف عن تحول خطير في مسار الصراع حيث لم تعد حتى المنظمات الدولية في مأمن من الهجمات ما يعزز المخاوف من انزلاق القطاع نحو كارثة إنسانية شاملة قد لا يمكن تداركها في ظل الحصار المستمر وانهيار البنية التحتية الصحية والإنسانية