حوادث وقضايا

وسط حراسة مشددة وقناع “سبايدر مان”: محكمة استئناف دمنهور تنظر جريمة هزّت المجتمع

في مشهد مهيب اختلطت فيه العدالة بالدموع، والأمل بالحذر، شهدت محكمة استئناف جنايات دمنهور ثاني جلسات الاستئناف في واحدة من أكثر القضايا الجنائية إثارة للجدل في الآونة الأخيرة.

خلف الأبواب الموصدة، وتحت أنظار الإعلام وعدسات الكاميرات، دخل الطفل ياسين إلى قاعة المحكمة مرتديًا قناع “سبايدر مان” وكأنه يستجلب من عالم الأبطال الخارقين درعًا يقيه نظرات الفضوليين وأشباح الألم.

بجوار الطفل جلس محاميه الشهير طارق العوضي، رئيس هيئة الدفاع، تحيط به أسرة ياسين التي بدت مزيجًا من التوتر والانكسار والأمل في عدالة القضاء.

وفي الجهة المقابلة، وقف المتهم “ص. ك. ج. ا.”، البالغ من العمر 79 عامًا، مراقب مالي سابق، محاطًا بهيئة دفاعه، وقد بدا عليه الجمود، وكأن أعوامه الثقيلة لم تشفع له أمام فداحة الجريمة المنسوبة إليه.

القضاء يقول كلمته: السجن المؤبد

كانت محكمة جنايات دمنهور قد أصدرت حكمها القاطع بتاريخ 30 أبريل 2024، في القضية رقم 33773 لسنة 2024، حيث قضت بمعاقبة المتهم بالسجن المؤبد، بعد إدانته بهتك عرض الطفل ياسين داخل حرم إحدى المدارس الخاصة بمدينة دمنهور.

حكمٌ دوّى في الأوساط القضائية والإعلامية، باعتباره تأكيدًا على أن جسامة الجرم لا تمحوها السنون ولا المناصب.

جلسة الاستئناف: بين القانون والضمير

في جلسة الاستئناف الثانية، والتي عُقدت وسط إجراءات أمنية غير مسبوقة، تقدّم الدفاع بعدة طلبات من شأنها إعادة النظر في بعض تفاصيل القضية.

كان من أبرزها استدعاء كبير الأطباء الشرعيين لمناقشة ما ورد في التقرير الطبي الرسمي الصادر عن مصلحة الطب الشرعي، والذي استُند إليه كدليل فني قاطع على وقوع الجريمة.

كما طالب الدفاع بالحصول على صورة رسمية من تحقيقات نيابة أمن الدولة العليا، بشأن سيدة ورد ذكرها في مذكرات الدفاع، حيث أُشير إلى احتمال وجود علاقة لها بالوقائع محل التحقيق.

اهتمام إعلامي ووجدان مجتمع مصدوم

لم تكن الجلسة عادية، فالإعلام حضر بكثافة، والصحفيون تابعوا تطورات القضية لحظة بلحظة، لما تحمله من أبعاد إنسانية ومجتمعية وقانونية بالغة التعقيد.

فقد فجّرت الواقعة منذ بدايتها موجة من الغضب الشعبي، لما تنطوي عليه من انتهاك صارخ لحرمة الطفولة، ولما أثارته من تساؤلات حول دور المؤسسات التعليمية في حماية الأطفال داخل أسوارها.

القضية الآن باتت لا تخص ياسين وحده، بل أصبحت رمزًا لصراع أكبر بين براءة الطفولة ووحشية الجريمة، بين العدالة التي لا تنام، وأشباح لا تزال تترصد في زوايا المجتمع.

ومع استمرار جلسات الاستئناف، يترقب الشارع المصري كلمته الفصل، بين من يطالب بتأكيد الحكم الأول، ومن يرى في الأوراق ما يستوجب المراجعة.

لكن الأكيد أن ياسين – الطفل الصغير بقناع “سبايدر مان” – قد أصبح شاهدًا حيًّا على كيف تقف العدالة أحيانًا في قاعة واحدة مع الحكايات المؤلمة .. لترويها، وتُنصفها.

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى