
خلال فترة وجودي في جبهة الإنقاذ، كأحد قياداتها الفاعلة، لم يكن الغياب عن المستقبل خياراً. لطالما دار في مخيلتي سؤال محوري: من سيكون الرئيس؟ ودار هذا السؤال مراراً في كواليس العمل السياسي، وداخل الاجتماعات المغلقة، وبين نخبة من الوطنيين المخلصين الذين أيقنوا أن الشرعية لا تُنتَظر بل تُصنع، وأن القبول الشعبي يحتاج إلى من يمهّد له الطريق.
حينها، راودنا الأمل في الدفع بشخصية مدنية ذات مشروع واضح، تحظى بقبول شعبي، وتمثل الدولة المدنية الحديثة في أبهى صورها. ولكن، كما هي العادة، اصطدمنا بحسابات ضيقة، وأجندات خفية، حالت دون التوافق، وضاعت الفرصة التي كان يمكن البناء عليها.
اليوم، لم يتبقَ من المدة الرئاسية الحالية سوى سنوات معدودة. ووفقاً للدستور المصري، لا يحق للرئيس الحالي الترشح مجدداً بعد انقضاء فترته الثانية، ما يعني أن البلاد تقف على أعتاب استحقاق سياسي مفصلي، يجب أن تُستعد له القوى المدنية من الآن.
المهمة لم تعد فقط في البحث عن مرشحين للبرلمان أو دعم قوائم انتخابية، بل بات الهم الأكبر هو البدء فوراً في اختيار شخصية مدنية وطنية جامعة، والعمل على تأهيلها وتقديمها للرأي العام، حتى لا نجد أنفسنا أمام فراغ سياسي أو سيناريوهات مكررة لا تُعبّر عن تطلعات الشعب ولا عن طموحات الدولة الحديثة.
الدستور لا يُقصي أحداً، والمجال السياسي لا يُحتكر. ولكن من لا يجهز نفسه للاستحقاق، لا يملك حق الشكوى من النتائج.
إن بناء البديل ليس ترفاً سياسياً، بل استحقاق وطني بامتياز.