مصر تكثف جهودها لتعزيز إنتاج الغاز وتقليل الاعتماد على الواردات

تواصل مصر العمل على خطة استراتيجية طموحة تستهدف زيادة إنتاجها المحلي من الغاز الطبيعي في ظل استمرار استيراد كميات كبيرة من الخارج لتلبية الطلب المحلي حيث صرح وزير البترول كريم بدوي أن البلاد تستورد حالياً ما يقارب 1.1 مليار قدم مكعب يومياً من الغاز من إسرائيل لتغطية احتياجات السوق المحلي
وتأتي هذه التصريحات في وقت تشهد فيه مصر ضغوطاً متزايدة على منظومتها الطاقوية وسط تزايد الاستهلاك المحلي من جهة وتراجع الإنتاج من بعض الحقول الناضبة من جهة أخرى ما فرض تحديات على صعيد تحقيق الاكتفاء الذاتي الذي كانت البلاد قد أعلنته في وقت سابق
الوزير أشار إلى أن الحكومة تسعى إلى رفع الطاقة الإنتاجية المحلية من الغاز لتصل إلى نحو 4.4 مليار قدم مكعب يومياً بحلول نهاية عام 2026 وهي خطوة تأتي ضمن خطة شاملة تستهدف تحفيز عمليات البحث والاستكشاف وتشجيع الاستثمار الأجنبي في قطاع الطاقة بالإضافة إلى تطوير البنية التحتية المرتبطة بالنقل والتوزيع والتسييل
وتعكس هذه التحركات إدراك الدولة لحساسية ملف الطاقة وتأثيره المباشر على الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي إذ أن أي اختلال في توازن العرض والطلب في سوق الغاز يؤدي إلى تداعيات تشمل زيادة تكاليف الإنتاج وتراجع القدرة التنافسية للصناعات المعتمدة على الطاقة فضلاً عن احتمالات العودة لسيناريو الانقطاعات أو خفض التصدير
وتعد إسرائيل في الوقت الراهن أحد أبرز مصادر واردات الغاز إلى مصر وذلك عبر خطوط أنابيب تربط بين البلدين وقد بدأت هذه الواردات بشكل موسع منذ سنوات في إطار اتفاقيات تجارية لتعزيز الشراكة الإقليمية في مجال الطاقة
في المقابل تعمل القاهرة على تسريع تنفيذ عدة مشاريع تنموية في مناطق الامتياز بالبحر المتوسط ودلتا النيل وسيناء بهدف استكشاف احتياطيات جديدة وزيادة معدلات الاستخراج من الحقول القائمة كما تسعى شركات الطاقة الوطنية والأجنبية إلى استخدام تقنيات حديثة لتحسين كفاءة الإنتاج وخفض التكاليف التشغيلية
ومن الناحية الاقتصادية فإن تقليل الاعتماد على الغاز المستورد من شأنه تخفيف الضغط على ميزان المدفوعات وتقليص الفاتورة الدولارية لواردات الطاقة الأمر الذي ينعكس إيجاباً على استقرار سوق العملة وخفض معدلات التضخم
وفي ظل التحديات الإقليمية والدولية المتعلقة بأمن الطاقة وأسعار الغاز فإن التوجه المصري نحو تعزيز الإنتاج المحلي يُعد خياراً استراتيجياً ينسجم مع المتغيرات العالمية ويؤسس لمرحلة جديدة من الاستقلال الطاقوي والتنمية المستدامة
ومن المتوقع أن تتكثف عمليات المتابعة خلال الفترة المقبلة لرصد مدى التقدم في تحقيق المستهدفات الإنتاجية وسط ترقب داخلي وخارجي لمدى قدرة مصر على استعادة مكانتها كمركز إقليمي محوري لتداول وتصدير الغاز الطبيعي في شرق المتوسط