العالم العربي

ملف سلاح “حزب الله” يشعل الجدل في لبنان وسط ضغوط دولية وتحذيرات من انفجار داخلي

يشكّل ملف سلاح المقاومة الإسلامية في لبنان (حزب الله)، أحد أبرز الملفات الخلافية التي تشغل الساحة اللبنانية، لما له من تأثير مباشر على الأمن والسياسة والتوازنات الداخلية، في ظل تصاعد الضغوط الدولية والإقليمية المطالبة بنزع هذا السلاح، وربط دعم لبنان بمواقف حاسمة تجاهه.

وفيما يتمسّك الحزب ببقاء سلاحه كجزء من “الاستراتيجية الدفاعية الوطنية”، يُحذر مراقبون من أن أي تصعيد في هذا الملف قد يعمّق الانقسامات الداخلية ويهدد الاستقرار الهش في البلاد.

العميد زهوي: تسليم السلاح مستحيل ولبنان بلا المقاومة يفقد وزنه السياسي

قال العميد الركن المتقاعد نضال زهوي، في تصريح خاص، إن “ملف تسليم سلاح حزب الله لا يزال مستحيلًا في ظل المعطيات القائمة”، معتبرًا أن المزاج العام اللبناني تغيّر بعد تجربة سوريا، إذ عجزت الدولة السورية عن السيطرة على الجنوب بسبب العربدة الإسرائيلية، ما ولّد “خوفًا حقيقيًا لدى اللبنانيين”.

وأكد أن الضغوط الصهيو-أميركية ما تزال فاعلة على الدولة اللبنانية، وأن أغلب أقطابها يدورون في فلك واشنطن، مشيرًا إلى غياب أي عروض تفاوضية جدية من الولايات المتحدة أو إسرائيل.

ولفت إلى وجود مبادرات من الحزب منسّقة مع رئيس مجلس النواب نبيه بري، تقوم على خطوات رمزية غير ملزمة، مثل تسليم بعض الصواريخ القديمة، بغرض كسب الوقت.

واعتبر زهوي أن لبنان يستمد ثقله السياسي من سلاح المقاومة، وأن زواله يعني فقدان دوره الإقليمي، مؤكدًا أن محاولات تسليم لبنان لطرف سياسي مقابل وقف القتال مع إسرائيل سبق أن فشلت.

وفي ما يخص الجيش اللبناني، رأى أن أي صدام مع المقاومة “غير وارد حاليًا”، بسبب مخاطر الانقسام الداخلي والتفلت الأمني، ما يجعل تجنب المواجهة أولوية لدى القيادات.

قاسم قصير: لا حديث عن تسليم السلاح والحل بالحوار فقط

الكاتب والمحلل السياسي قاسم قصير شدد في تصريح خاص، على أن ملف سلاح حزب الله “ليس مطروحًا في إطار نزع أو تسليم”، بل يُبحث ضمن الاستراتيجية الدفاعية الوطنية، ويجب التعامل معه بالحوار وليس بالإكراه.

وأكد أن الولايات المتحدة لم تقدم أي عرض جدي للحزب أو للبنان، بل ترفض حتى ضمان وقف الاعتداءات الإسرائيلية، وهو ما ينسف أي مسار تفاوضي.

ورفض قصير الحديث عن مقايضات داخلية تتعلق بالسلاح مقابل مشاركة أوسع في السلطة، مشيرًا إلى أن الملف أعقد من ذلك.

وقال: “أي نقاش حقيقي حول السلاح مرهون بانسحاب إسرائيل من الأراضي المحتلة ووقف الاعتداءات، وإلا فلن تكون هناك خطوات عملية”.

ورأى أن الضغوط الدولية والعربية لن تغير الحقيقة، وهي أن المشكلة في الاحتلال الإسرائيلي وليس في السلاح، مطالبًا بتكثيف الضغوط على إسرائيل، لا على لبنان.

الهاشمي: نزع السلاح جزء من مشروع يستهدف محور المقاومة

أما مدير “مركز الاتحاد للدراسات الاستراتيجية” محمود الهاشمي، فرأى أن الحديث عن نزع سلاح الحزب جاء بعد عمليات استهدفت قيادات المقاومة، في محاولة لفرض صورة الهزيمة، وهو “خطأ في قراءة طبيعة المواجهة”.

وأكد أن الحزب يعتبر نفسه في معركة مستمرة، ضمن منظومة إقليمية تضم إيران والعراق وسوريا واليمن وغزة، ويرى في السلاح جزءًا من عقيدته لا يمكن التنازل عنه.

وقال الهاشمي: “الحزب لا يثق بالوعود ولا بالمكافآت السياسية، ويعلم أن المفاوضات لا تُجرى إلا حين تكون البندقية بيده”.

وأشار إلى أن الضغوط الأمريكية تستهدف جعل نزع السلاح مطلبًا داخليًا، وأن بعض الدول العربية، خاصة السعودية، شريكة في هذا المشروع عبر المال السياسي والتحالف مع إسرائيل.

وأضاف أن الرهان على سوريا كورقة ضغط أثبت فشله، وأن المعادلة الإقليمية أكثر تعقيدًا مما تصوّر البعض.

ورأى أن الشعب اللبناني، رغم الانقسامات، لا يزال يرى في سلاح حزب الله ركيزة دفاعية، مؤكدًا أن إسرائيل كانت لتجتاح لبنان مجددًا لولا وجود المقاومة.

وختم بالتأكيد أن ما يجري “ليس مجرد ملف لبناني بل جزء من معركة كبرى تستهدف قوى المقاومة في المنطقة بأسرها”.

أزمة مفتوحة على كل الاحتمالات

يبقى ملف سلاح حزب الله من أكثر الملفات تعقيدًا في لبنان، حيث يتقاطع فيه البعد المحلي مع الإقليمي والدولي، وتُستخدم فيه أوراق الضغوط والمساعدات والضمانات في محاولات للوصول إلى تسوية.

لكن بين تمسّك الحزب بسلاحه كجزء من عقيدته، وضغوط الخارج المطالبة بإسقاطه، تبدو الأزمة مفتوحة على كل الاحتمالات، ما لم يُفتح باب حوار وطني شامل يراعي التوازنات الداخلية والمعطيات الإقليمية، ويحول دون انزلاق البلاد إلى صدام قد يعيدها إلى مربع الفوضى.

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى