العالم العربيحزب غد الثورةشباك نور

د. أيمن نور يناقش الربيع العربي وتحديات الثورة في مصر وتونس: لا إصلاح بدون تغيير جذري ووحدة وطنية

يتناول النقاش الوضع السياسي في تونس ومصر، حيث يعبر المتحدثون عن القمع والانتهاكات التي تعرضت لها الثورات العربية. يشددون على أهمية الوحدة بين القوى السياسية المختلفة لمواجهة الأنظمة الاستبدادية، ويطرحون تساؤلات حول إمكانية استعادة الحريات وتحقيق التغيير المنشود.

شهدت الندوة التي شارك فيها الدكتور أيمن نور وماهر المذيوب وعدد من النشطاء والسياسيين، نقاشًا غنيًا حول الربيع العربي، بمشاركة رموز من مصر وتونس وسوريا وفلسطين، في حوار دام أكثر من ثلاث ساعات، تخللته تحليلات سياسية عميقة وشهادات مباشرة من قلب التجربة.

ماهر المذيوب يرحب بالدكتور أيمن نور

افتتح ماهر المذيوب الجلسة بكلمة ترحيبية بالدكتور أيمن نور، واصفًا إياه بأنه “رمز للنضال الديمقراطي في العالم العربي”، مشيرًا إلى تاريخه الطويل في الدفاع عن حقوق الإنسان وخوضه معارك شجاعة ضد الاستبداد في مصر.

وأكد المذيوب أن مشاركة الدكتور نور تُعد قيمة كبيرة للندوة، خصوصًا في وقت يحتاج فيه العالم العربي لأصوات جريئة تتحدث عن واقع الحريات والديمقراطية.

البرلمان التونسي والدستور تحت الحصار

تحدث المشاركون عن التهديدات التي يتعرض لها النظام الديمقراطي في تونس، مشيرين إلى أن البرلمان بات عاجزًا عن ممارسة صلاحياته بفعل القرارات الرئاسية التي عطلت مؤسسات الدولة.

وأكد نور أن الرئيس قيس سعيد “انقلب على الدستور”، مما جعل تونس تعيش في حالة استثنائية لا تمثل الإرادة الشعبية.
وأشار إلى وجود اعتداءات على الحريات الأساسية واعتقالات تطال معارضين، ودعا إلى استعادة المسار الديمقراطي بالحوار وتوحيد الجهود الوطنية.

الدكتور أيمن نور: من سجون الاستبداد إلى منابر الحرية

استعرض الدكتور أيمن نور في كلمته مسيرته النضالية منذ ترشحه لانتخابات الرئاسة المصرية عام 2005، وما تبعها من اعتقالات ومحاكمات وسجن، مؤكدًا أن “النظام المصري تعامل معه كمجرم لأنه تجرأ على الحلم”.

وأضاف نور:

“أنا مش أفضل من يحكم مصر، لكني كنت أفضل من الموجودين وأبنائهم”، في إشارة إلى مبارك ونظامه، مؤكدًا أن مصر مليئة بالشخصيات القادرة على التغيير.

كما تطرق إلى تجربته الإعلامية في تأسيس قناة “الشرق”، التي اعتبرها أول منبر حر يعبر عن صوت المعارضة المصرية بعد الانقلاب، ويُوفر منصة للمظلومين في ظل سيطرة النظام على الإعلام المحلي.

هل مات الربيع العربي؟

رفض الدكتور أيمن نور فكرة أن “الربيع العربي قد مات”، معتبرًا أن ما يحدث هو تحول في الموجة الثورية، وأن الشعوب ما زالت تمتلك الإرادة للتغيير رغم الانكسارات المؤقتة.

وقال:

“الربيع لم يمت… هو فقط في طور التكوين. كل فصل له زمنه، والأمل لا ينتهي”.

كما أكد أن الشعوب العربية أسقطت بالفعل أنظمة استبدادية، لكن غياب التخطيط لليوم التالي للثورة تسبب في فوضى، وهو درس يجب أن نتعلم منه.

أخطاء الماضي… دروس للمستقبل

تحدث المشاركون عن الأخطاء التي وقعت بعد الثورة المصرية، مشيرين إلى غياب الاستعداد لمواجهة الدولة العميقة، وسوء تقدير حجم التدخلات الإقليمية والدولية.

ونُوقش استفتاء مارس 2011 كأحد أبرز القرارات المتعجلة، إضافة إلى الخلط بين العمل السياسي والإعلامي، ما أضعف التحالفات وأفقد القوى الثورية القدرة على التنظيم.

كما أشار نور إلى أن القوى الإقليمية كانت جاهزة للانقضاض على الربيع العربي، وأن النخب السياسية لم تستوعب هذا التهديد في الوقت المناسب.

لا حرية دون تحرير الشعوب

أكدت الندوة أن الاستبداد الداخلي مرتبط بالاستعمار الخارجي، وأن الشعوب لن تنال حريتها ما لم تتحرر من كلا الوجهين.

وتحدث المشاركون عن أهمية تحقيق العدالة الاجتماعية والسلام من خلال الديمقراطية، وضرورة تعاون كل مكونات المجتمع من أجل تحقيق تطلعاته.

كما شددوا على أن الشعوب تواجه قمعًا ممنهجًا يمنعها من التعبير، ويُضيق على الحراك الشعبي.

المثقفون… بين الغياب والواجب

دعت الندوة المثقفين العرب إلى استعادة دورهم في إنتاج خطاب واقعي يعبر عن هموم الناس، وانتقدت الخطابات الشعبوية التي تفصل بين السياسيين والشعوب.

واعتبرت أن استمرار الدكتاتورية منذ سبعين عامًا أدى إلى انحدار في الثقافة والفكر، داعية إلى شراكة حقيقية بين السياسيين والمفكرين لصياغة مشروع نهضوي جامع.

د. أيمن نور: أخطر ما واجه الثورات هو قتل الأمل… والشعوب قررت كسر الخوف

أشار نور إلى أن ما تعانيه الشعوب العربية اليوم ليس وليد اللحظة، بل هو نتيجة تراكمية لعقود من القمع والخوف والتطبيع مع الاستبداد.

“اللي بيحصل في بلادنا مش وليد اللحظة… ده نتاج عقود من الاستبداد، وسكوت الناس، وخوفهم، وتعودهم على القمع.”

ثورة 2011 لم تكن انقلابًا… بل صحوة شعب رفض نور المحاولات الإعلامية التي تسعى لتشويه ثورة 2011، مؤكدًا أنها لم تكن لحظة فوضى أو انهيار، بل كانت أعظم لحظة وعي في التاريخ العربي الحديث.

“اللي حصل في 2011 مش كان انقلاب… كان صحوة… لحظة انكسار لكل المبررات اللي كانوا بيخوفونا بيها.”

وأشار إلى أن الخطر الأكبر لم يكن في القمع فقط، بل في محاولة بث الندم الجماعي على تلك اللحظة الثورية.

“أخطر شيء إنك تقتل الأمل… وتخلي الناس يندموا على لحظة كانوا فيها أحرار.”

التغيير ممكن… والثقة يجب أن تُستعاد اختتم الدكتور نور مداخلته بنداء صريح إلى إعادة بناء الثقة في الذات الجماعية، والإيمان بقدرة الشعوب على تغيير واقعها رغم الصعوبات.

د. أيمن نور: الطغاة يتقدمون بالتدريج… والاستبداد يُعاد إنتاجه بأدوات ديمقراطية زائفة

وجّه نور تحذيرًا واضحًا من إعادة إنتاج أنظمة الاستبداد في العالم العربي، مشيرًا إلى أن الأنظمة القمعية لا تبدأ بمصادرة الحريات دفعة واحدة، وإنما تتحرك تدريجيًا عبر خطوات محسوبة ومدروسة.

“أغلب الطغاة لما بيجوا يعملوا حاجة، بيعملوها خطوة خطوة… ما بياخدوش كل حاجة مرة واحدة.”

استبداد جديد بأدوات شكلية

أكد نور أن الأنظمة المعادية للثورات باتت تستخدم أدوات قانونية ظاهريًا – مثل الانتخابات، أو الاستفتاءات، أو التشريعات – لكنها تخفي مضمونًا سلطويًا واستبداديًا يُفرغ الديمقراطية من معناها.

“اللي بيحصل دلوقتي في كذا بلد هو إعادة إنتاج للاستبداد، بشكل متطور، شكله قانوني… بس في الآخر هو نفس القمع.”

كما حذر من الترويج لفكرة أن كل بلد مختلفة عن الأخرى، موضحًا أن الفروق الشكلية لا تلغي وحدة النموذج القمعي المستخدم.

اقرأ أيضًا:الدكتور أيمن نور: ما حدث في تونس انقلاب دستوري مكتمل الأركان… والربيع العربي لم يمت بل يتجدد

بين الرضى والسلبية… الشعوب في مواجهة مفترق

نوّه نور إلى أن الخطر لا يكمن فقط في الأنظمة، بل أيضًا في سلبية بعض المواطنين، سواء ممن يرضون بالواقع القائم، أو ممن فقدوا الإيمان بإمكانية التغيير.

“المشكلة إن ده كله بيتم برضى بعض الناس، وبسلبية البعض الآخر… اللي شايف إن مفيش فايدة.”

دعوة للوعي المبكر… والمقاومة من أول لحظة

اختتم الدكتور أيمن نور كلمته برسالة قوية مفادها أن مقاومة الاستبداد لا يجب أن تنتظر لحظة الانهيار الكامل، بل ينبغي أن تبدأ منذ المؤشرات الأولى، حتى لا يصبح التصحيح مستحيلًا.

“ما نستناش لما يحصل انهيار كامل، أو لما الاستبداد يكمل سيطرته… لازم يكون فيه وعي مبكر، ومقاومة من بدري.”

تأسيس قناة الشرق ونقل حزب “غد الثورة” للخارج

استعرض الدكتور أيمن نور التحديات التي واجهها في تأسيس قناة “الشرق” المعارِضة، مؤكدًا أنها تأسست في وقت لم يكن فيه صوت حر داخل مصر، وأنها واجهت منذ بدايتها هجومًا إعلاميًا وأمنيًا شرسًا.

كما أشار إلى نقل حزب غد الثورة إلى الخارج بعد اعتقال أعضائه داخل مصر، وقال إن “المقاومة السلمية هي خيارنا الوحيد”، وإنه رغم الظروف الصعبة، لا يزال متفائلًا بمستقبل مصر وفلسطين والمنطقة.

ضرورة توحيد الصفوف: دروس من حزب النور والإخوان

تحدث المتحدثون عن الإخفاقات السياسية لبعض القوى الإسلامية، مثل مهادنة حزب النور، والضغوط التي تعرضت لها جماعة الإخوان المسلمين، مشيرين إلى أن الخلافات الداخلية أضعفت الجبهة الثورية.

وأكد نور أنه تعرض للاعتقال خمس مرات، ودعا إلى تجاوز الخلافات وتشكيل جبهة وطنية موحدة لمواجهة الاستبداد.

نور: لم أرفض تكليف مرسي بتشكيل الحكومة… ولكن فشلت محاولات التوافق

كشف نور تفاصيل مهمة تتعلق بعلاقته بالرئيس الراحل الدكتور محمد مرسي، وتجربة تكليفه السابقة بتشكيل حكومة ائتلافية عقب الثورة، مسلطًا الضوء على العقبات السياسية التي حالت دون تنفيذ هذه الخطوة رغم الاتفاق المبكر مع الرئيس مرسي.

كشف الدكتور أيمن نور، زعيم حزب غد الثورة، عن تفاصيل مهمة تتعلق بعلاقته بالرئيس الراحل الدكتور محمد مرسي، وتكليفه السابق بتشكيل حكومة ائتلافية عام 2012، مؤكدًا أن موقفه لم يكن رفضًا للتكليف، بل نتيجة لتعثر مساعي تشكيل حكومة تضم مختلف التيارات السياسية.

“لم أرفض التكليف كما يُقال… اتفقت مع الدكتور مرسي على تشكيل حكومة تضم الجميع، لكن معظم هذه التيارات اعتذرت.”

محاولات التوافق فشلت… وعمرو موسى الوحيد الذي قبل أوضح نور أنه أجرى جولات من المشاورات بعد يومين فقط من الاتفاق، وتحديدًا في 15 أبريل 2012، لكن النتائج كانت مخيبة للآمال، حيث لم تقبل معظم الأطراف السياسية المشاركة في هذه الحكومة، باستثناء السيد عمرو موسى، الذي أبدى قبولًا مبدئيًا، بينما لم يرفض الدكتور محمد البرادعي مشاركة حزبه، لكنه لم يؤكدها أيضًا.

“لم يكن ممكنًا أن أشكل حكومة حزبية من طرفي أو بالتحالف مع الإخوان فقط… فذلك لم يكن ائتلافًا حقيقيًا.” “ربما أخطأت… لكنني لم أتخلَّ عن مرسي يومًا” أقرّ نور بأن قراره بالاعتذار عن تشكيل الحكومة ربما لم يكن موفقًا، لكنه شدد على أن موقفه لم يكن تقاعسًا أو تخليًا، بل كان نابعًا من تقدير واقعي لصعوبة جمع القوى المختلفة في تلك اللحظة.

“أنا ربما أكون أخطأت، لكن لم يكن بوسعي أن أفعل أكثر مما فعلت… بذلت كل ما أستطيع، ربما كان جهد المقل.”

وفي رسالة قوية، أضاف نور:

“في عز ما الناس كانت تقاطع اجتماعات الرئيس محمد مرسي، وتحضر اجتماعات وزير الدفاع… لم أنقطع يومًا عنه، ولا عن الدفاع عنه، منذ لحظة احتجازه وحتى استشهاده.”

التقييم يجب أن يشمل السياق والجهد اختتم نور حديثه بالتأكيد على أن النتائج لم تكن كما يُؤمَّل، لكن النية والجهد والموقف السياسي كانت حاضرة بوضوح، قائلًا:

“ربما لم نحقق النتائج، لكن علينا أن ندرك أننا بذلنا الجهد… وفهم النتائج قد يأتي متأخرًا.”

تونس بعد الانقلاب… ضرورة حوار وطني شامل

استعرضت الندوة التجربة التونسية بعد انقلاب 25 يوليو، مشيرة إلى وجود معتقلين سياسيين من مختلف التيارات، وإلى الحاجة لتشكيل مجلس رئاسي مؤقت للخروج من الأزمة.

وأكد المشاركون أن تجربة تونس تُعد مرآة دقيقة لما يحدث في مصر، وأن توحيد التيارات الإسلامية والليبرالية هو السبيل الوحيد لإحداث التغيير.

نور: الديمقراطية لا تنجح في تونس دون مصر… ولا تستقر في مصر دون تونس
أن المعركة من أجل الديمقراطية في العالم العربي ليست محلية أو مجزأة، بل مترابطة المصير، مشددًا على أن سقوط الاستبداد في دولة لا يكتمل إن لم يسقط في جارتها.

“الديمقراطية لن تأتي في مصر وتتجاوز تونس… ولن تأتي في تونس وتتجاوز مصر… المستبدون يعرفون هذا جيدًا، لكن بعض الديمقراطيين ما زالوا لم يتعلموا الدرس.”

السيسي وقيس سعيد نموذج للاستبداد المترابط وفي ختام الندوة، اعتبر نور أن ما يجري في مصر وتونس لا يمكن فصله عن بعضه، مشيرًا إلى أن عبد الفتاح السيسي وقيس سعيد يمثلان وجهين لذات المشروع السلطوي، وإن اختلفت الأدوات والوسائل.

مصر وتونس ليستا عاجزتين… والبدائل حاضرة شدّد نور على أن من الخطأ الاعتقاد بأن تونس أو مصر قد أصبحتا عقيمتين سياسيًا، مؤكدًا أن كلا البلدين عامران بالقيادات السياسية والشخصيات الوطنية والشباب الواعدين، ممن يمكنهم حمل مشعل التغيير إذا توفرت البيئة المناسبة.

“أنا أعرف من شباب تونس من خاضوا الانتخابات النيابية وحتى الرئاسية… شيء مشرّف لأمة بحجم الأمة التونسية.”

واستعاد نور ذكرى ترشحه في انتخابات الرئاسة عام 2005، وقال:

“كنت أقول دائمًا: أنا مش أفضل واحد يحكم مصر… لكني أفضل من الموجودين وأولادهم”، في إشارة رمزية إلى نظام حسني مبارك ونجله جمال.

دعوة للقاء جديد لاستكمال الحوار وفي ختام كلمته، توجّه نور بدعوة للمشاركين والجمهور لعقد لقاء خاص موسع ومخصص للنقاش حول مرحلة ما بعد الاستبداد في مصر وتونس، مشيرًا إلى أن الوقت لم يسعف لإتمام الحديث بالكامل.

“كنت أحب أعمل الدعوة دي النهاردة… لكن لاحظت أن الزملاء بدأوا في الانصراف… خلِّيها لقاء تاني مخصوص للغرض ده.

السيادة الوطنية تحت تأثير الأموال الأجنبية

طرح الحضور قضية التأثير الإماراتي المتزايد في مصر، خاصة عبر شراء أصول استراتيجية مثل الموانئ، ما أثار مخاوف من المساس بالسيادة الوطنية.

وجرى نقاش حول دور القانون الدولي في استرداد الأصول، وضرورة الكشف عن العقود الموقعة باسم الدولة.

التغيير يبدأ من الداخل

اختتم الدكتور أيمن نور كلمته بنفي أي علاقة تربطه بالولايات المتحدة، قائلًا:

“لم أزر أمريكا في حياتي، وهذه الشائعات تُستخدم لتشويه المعارضين”.

وأكد أن التغيير لا يأتي من الخارج، بل يتطلب إرادة داخلية، وخطة وطنية شاملة، وتعاون حقيقي بين الداخل والخارج، محذرًا من الوقوع مجددًا في فخ التكرار والفوضى.

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى