
قال ترامب، المأزوم نفسيًّا وسياسيًّا، والمرشح الأوفر حظًّا لقيادة الإمبراطورية الأمريكية في مرحلتها الأكثر انحطاطًا: “حماس خرجت من كل ما يتعلق بالمفاوضات.. حماس لم ترغب في إبرام صفقة.. برأيي، هم يريدون الموت.. لقد وصل الأمر إلى نقطة يجب فيها إنهاء المهمة.. يجب القتال والتخلص منهم!”
ما هذا الهراء؟ وما هذا الإجرام؟!
تصريحات ترامب ليست مجرد كلمات طائشة، بل تعبير فجّ عن النية الأمريكية الصريحة للمشاركة في الإبادة الجماعية بحق الشعب الفلسطيني ومقاومته. فحين يقول “يجب إنهاء المهمة”، فإنه يقصد تصفية المقاومة وقتل الفكرة، لا الأجساد فقط.
إنه لا يتحدث عن مفاوضات، بل عن نهاية وجود حماس، بل نهاية كل من يرفع رأسه في وجه المشروع الصهيوني-الأمريكي.
فهل هذه هي المرحلة الأخيرة من الغدر بحماس؟
نعم، إنّها محاولة جديدة قديمة لتكرار سيناريو “أوسلو” بلبوس أكثر إجرامًا: مفاوضات مشبوهة تقود إلى استسلام لا إلى سلام، وهدنة مموّهة تنتهي بخيانة دموية كما فعلوا في كل جولة سابقة.
والهدف: نزع سلاح غزة، ثم تجويعها، ثم احتلالها، ثم محوها من الوجود.
يصف ترامب حماس بأنها “تريد الموت”.. وهذا يعني أنه لا يفهم معنى “الاستشهاد”، ولا يدرك سرّ هذه العقيدة التي تحوّل أجساد الفلسطينيين إلى قلاعٍ لا تُهزم.
هو لا يرى سوى الموت، بينما نرى نحن الحياة في الموت من أجل الحق، والخلود في بذل الدم فداء للأرض والعقيدة.
إن الدور الأمريكي الفعلي يتلخص فى ان أمريكا تمنح الغطاء الكامل للإبادة، وترسل السلاح، وتشارك في التخطيط، بل وتمنع الغذاء والدواء عن المحاصرين.
أمريكا تسوّق وهم “حل الدولتين” بينما تدعم توسع الاستيطان وتهويد القدس واحتلال غزة بالكامل.
أمريكا تلعب دور الشرطي المجرم الذي يقتل، ثم يتحدث عن “السلام”.
وهنا يبرز السؤال هل انهارت المفاوضات أم أنها خدعة للضغط؟.. والإجابة؛ ما يجري ليس مفاوضات، بل كمين سياسي وعسكري. يُراد منه الضغط على حماس للقبول بصفقة العار، وعندما ترفض، تُتّهم بالتطرف، وتُعلن الحرب عليها. إنهم لا يريدون شريكًا، بل عبيدًا خاضعين.
إنه الاحتلال الكامل لغزة وتجويع الناس.. وهذا هو وجه المشروع الصهيوني بلا أقنعة:
احتلال كامل للقطاع، إما عسكريًا أو عبر وكلاء.
تهجير وقتل وتجويع بهدف إعادة صياغة غزة بدون حماس، وبدون مقاومة، وبدون كرامة.
البحث عن الأسرى لتسجيل نصر معنوي بعد الفشل العسكري الذريع.
بكل تأكيد واشنطن هي العقل المدبر للحصار والتجويع وإطالة أمد الحرب.
واشنطن تستخدم أدواتها في الإعلام والسياسة للضغط على كل الأطراف لقبول سيناريو الاستسلام.
وتراقب حماس وتراهن على إنهاكها سياسيًا وعسكريًا وشعبيًا، ثم إسقاطها عبر اتفاق الخديعة.
إن الرد الحقيقي على هذه التصريحات الترامبية المجنونة هو دعم المقاومة والتشبث بالثوابت.
إن حماس لا تمثل نفسها، بل تمثل ضمير الأمة.. ومن يتطاول عليها، إنما يطعن في شرف الأمة وعقيدتها.
ومن هنا نقول لترامب ومن معه:
إن كانت حماس تريد الموت، فأنتم تريدون الذل والحياة في الحرام.
وإن كانت حماس ترفض الصفقة، فذلك لأنها تحمل مشروعًا إيمانيًا، لا صفقةً دنيوية.
وإن كنتم تراهنون على الجوع، فإننا نؤمن بقوله تعالى: ﴿أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ﴾ [آل عمران: 142]
“نداء إلى الأمة”
لا تصدّقوا دعايات السلام الكاذب، فكل مفاوضات الآن هدفها كسر المقاومة.
لا تغرنّكم دعوات الاعتراف بدولة فلسطينية منزوعة السيادة، فالدولة التي تأتي في زمن الإبادة ليست إلا خيانة جديدة.
تمسكوا بحماس، وادعموها بكل ما تملكون، فهي السد الأخير قبل طوفان الاستسلام.
وأخيرًا ﴿وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ﴾ [آل عمران: 139]
﴿سَيُنْفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ﴾ [الأنفال: 36]
﴿وَالْكَافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ﴾ [البقرة: 254]
يا أمتنا: اصبروا وصابروا ورابطوا.. واستعينوا بالله ولا تهنوا، فالحق لا يموت، والمقاومة لا تنكسر، وحماس لا تُهزم.. لأنها صاحبة العقيدة قبل البندقية.