
مَن قال إنّ جنكيزخان، وتيمورلنك، وهولاكو كانوا قمة الإجرام أثناء اجتياحهم للبلاد، وإنّ جرائمهم لا تضاهيها جرائم؟!
مَن قال إنّ الوحوش البشرية التي تقتل وتبيد بِاسم الإسلام اليوم، تقلّ في وحشيّتها عن همجيّة المغول؟! مَن قال إنّ وحوش هذا الزمان التي ارتكبت وترتكب المجازر على مدى قرون بحق أبناء المكوّنات الدينية، والطائفية، والاجتماعية في العالم الإسلامي، هي التي تجسّد تعاليم الإسلام الحقيقي وقيَمه ورسالته؟!
مَن سمَح لهؤلاء البرابرة المجرمين الذين عبثوا بقيَم الدين الإسلامي وسماحته، وأعطوا الحق لأنفسهم أن يتعاطوا مع سائر الأديان والطوائف بمنطق شريعة الغاب، ليكفّروا، ويذبحوا، ويقتلوا، ويحرقوا الإنسان على مرأى من العالم كله، وعلى صيحة التكبير؟!
أي وحوش بشرية نمَت وترعرعت في ديار العرب والمسلمين، وسلكت نهج الوحش شمر بن ذي الجوشن الذي حزّ رأس الإمام الحسين، وورث أفعاله جيلاً بعد جيل، إلى أن ظهر قبل سبعة قرون ونصف القرن، شيخ الفتنة الكبرى…
الذي حكم على طوائف وملل بالكفر والزندقة، وأباح قتل دم أبنائها وهدره! حكم جائر مطلق، وجد تطبيقه في ما بعد، على يد “دعاة” دين، ووعاظ سلاطين، ومتكسبين دنيويين، وورثة مشرعي الإرهاب، هم أبعد ما يكونون عن الدين الحنيف، وتسامحه…
لماذا تصرّ هذه الفئة التكفيرية، في كلّ زمان ومكان، أن تعاقب، وتقتصّ، وتزدري، وتكره سائر المكونات الاجتماعية، والدينية، والطائفية الأخرى في مجتمعاتنا…
التي تتعارض معهم في نهجهم، وسلوكهم، وأدائهم، وممارساتهم التي تشوّه مبادئ الإسلام الحقيقية وأخلاقه وقيَمه، وتسيء إليه وإلى رسالته الروحانية والإنسانية السمحاء.
مَن سمَح لهؤلاء التكفيريين، الذين ابتُلي بهم المسلمون وغير المسلمين من مختلف الأديان، والطوائف، والمذاهب، أن يكرهوا الناس بالقوة، ويفرضوا عليهم معتقداتهم، وأفكارهم المدمّرة؟!
من خوّل المتوحّشين الإرهابيين، المتعطشين لسفك الدماء، وريح القتر، والمدمنين على قطع الأعناق، وحرق الأحياء، وصلب البشر، كي يفرضوا معتقداتهم المنحرفة الضالة على الآخرين؟!
من خوّل هؤلاء حتى يكفّروا هذا، ويظرفوا ذاك!
بموجب أيّ دين وشريعة إلهية، ترتكب هذه الوحوش البربرية المجازر ضدّ الأبرياء من الناس هنا وهناك؟!
هل سمع هؤلاء يوماً أنّ مسيحياً، او أزيدياً، أو درزياً، أو شيعياً، أو علوياً، أو إسماعيلياً، فجّر نفسه في جامع أو كنيسة؟!
هل سمعنا مرة أنّ واحداً من هذه الطوائف فجّر نفسه وسط مجموعة من الناس المدنيين العزل؟!
هل شاهدنا واحداً من هؤلاء يحرق إنساناً في قفص مثل ما فعله الإرهابيون التكفيريون مع الطيار الأردني الأسير معاذ الكساسبة؟!
دون أيّ التزام ديني وإسلامي لجهة معاملة الأسير، أو أيّ اعتبار لقول الرسول الكريم وسنّته: “إياكم والمثلى ولو بكلب عقور”.
ليقل لنا هؤلاء المغول الجدد، بموجب أيّ دين وأيّ مذهب، وأيّ شريعة، يقوم تكفيريّ متوحّش بتفجير نفسه وسط المصلّين داخل مسجد، وداخل كنيسة؟!
من وراء هؤلاء القتلة المجرمين؟! مَن يوقفهم عند حدّهم؟! مَن هم رجال الدين الذين يفتون من عندياتهم للإرهابيين لتنفيذ جرائمهم ضدّ من هم على خلاف ملتهم؟!
كيف يمكن لرجال دين أن يُفتوا زوراً وبهتاناً، ويحرّضوا العناصر الإرهابيّة على قتل مَن هم من دينهم وطائفتهم، ومن غير دينهم وملّتهم، دون شفقة أو رحمة؟!
التكفيريّون الذين أهدروا دماء عشرات الآلاف من الأبرياء خلال السنوات الـ 15 الأخيرة وقتلوهم بحجة الدفاع عن الإسلام…
ما الذي قدّموه لنصرة أبناء غزة الذين يُسحَقون، ويُجوّعون، ويُحاصَرون، ويُقتَلون ويُبادون على أيادي جيش الاحتلال، على مرأى منهم ومن العالم كله؟
أين رجال “الدين” الغيارى، الذين احتضنوا التكفيريّين من نجدة شعب غزة؟!
أين “دينهم”، و”شرفهم” و”ضميرهم” الغائب؟!
أمام هول ما شاهدناه ونشاهده من مجازر، وقتل، وعنف، وإرهاب، على يد التكفيريّين في العالم الإسلاميّ…
الذين لا يضاهيهم في وحشيتهم ومجازرهم سوى المجرمين الصهاينة، لا بدّ من جميع أبناء المكوّنات الدينية والطائفية، والمذهبية، والقومية الشرفاء في بلادنا المشرقيّة…
في الماضي كانت نكبة الشعوب الحرّة على أيدي جنكيزخان، وتيمورلنك، وهولاكو، واليوم تأتي النكبة الكبرى على يد “إسرائيل”، وعملائها من إرهابيّين تكفيريّين…
محنّطة إنسانيتهم، كلّ همّهم تكفير الآخرين من ملّتهم وغير ملّتهم، وإنْ أدّى ذلك إلى خراب دول، وتدمير شعوب، وتفتيت نسيجها الوطني…
ليعلم اللبنانيون، كلّ اللبنانيين دون استثناء، أنّ لبنان في دائرة التصويب، والخطر الشديد، وهو مستهدَف مباشرة من قبل “إسرائيل” ومن الفصائل الإرهابية.
إنّ ما حصل في جنوب سورية، مؤشر خطير، وإنذار قويّ للبنان.
لذا لا بدّ من المكونات اللبنانية بكلّ طوائفها دون استثناء، أن تتخذ موقفاً موحّداً، جامعاً، حاسماً، وحازماً، اليوم قبل الغد، لأنّ الجميع مستهدَف…
المسؤوليّة الكبيرة التي تقع على عاتق شعوب المنطقة وجميع مكوّناتها، تقضي باقتلاع شجرة الكراهيّة من جذورها، والقضاء على تتار العصر وإرهابهم، حتى تنعَم شعوبنا بالحرية، والأمان، والتسامح، والسلام…!