الفنان الجزائري أبو الحق أبينا يوثق الإبادة في غزة بريشة المقاومة: لوحات تخلد الطفلة هند رجب و”شهداء الظل”

في مشهد بصري يخلّد الذاكرة ويُقاوم النسيان، اختار الفنان الجزائري أبو الحق أبينا أن ينصر القضية الفلسطينية بطريقته، مجندًا ريشته لتوثيق الإبادة الجماعية في قطاع غزة، وتخليد وجوه ضحاياها، وعلى رأسهم الطفلة هند رجب، التي اغتيلت على يد القوات الإسرائيلية.
ريشة تقاوم النسيان في شوارع باريس
في محاولة لمواجهة صمت العالم وتواطؤ الإعلام الغربي، حمل أبينا فرشاته إلى ميادين العاصمة الفرنسية باريس، ورسم وجوه الشهداء في قطاع غزة، متنقلاً بلوحاته بين المظاهرات المناصرة لفلسطين.
وأكد الفنان الجزائري أن هدفه الأساسي هو أن “تبقى ملامح وصور الشهداء باقية ومحفورة في الذاكرة، ولتظل القضية الفلسطينية حاضرة في الوعي العالمي”.
هند رجب… رمز للطفولة المغتالة
أنهى أبينا لوحتين بارزتين، الأولى للطفلة هند رجب، التي قُتلت في 29 يناير 2024 مع ستة من أقاربها، عندما استهدفت القوات الإسرائيلية سيارتهم جنوب غربي مدينة غزة. أما اللوحة الثانية، فهي تصور مشاهد من الإبادة الإسرائيلية المتواصلة التي بدأت منذ 7 أكتوبر 2023.
وصرّح أبينا: “رسمت وجه هند لأنها تمثل كل الأطفال الذين يُقتلون دون أن يُذكر اسمهم أو تُعرض صورهم في الإعلام الأوروبي. هؤلاء هم شهداء الظل”.
الفن كأداة احتجاج وتوثيق
أوضح الفنان أن لوحاته “ليست مجرد تعبير فني، بل أداة تذكير واحتجاج على الواقع الذي يعيشه أهل غزة”، مضيفًا: “أمضيت أكثر من 65 ساعة في رسم اللوحتين، أقاوم بهما النسيان، وأُحيي ذكرى الشهداء بالفن”.
وتابع أبينا: “ما يحدث في غزة ليس مجرد عدوان، بل إبادة جماعية تُمارس بغطاء حكومي وإعلامي، تشارك فيه دول مثل فرنسا ورئيسها إيمانويل ماكرون بطريقة مباشرة أو غير مباشرة”.
الصورة المغيّبة إعلاميًا
انتقد أبينا بشدة الصورة النمطية التي تُروج لها وسائل الإعلام الغربية، قائلاً: “يُصور الإسرائيليون على أنهم بشر طبيعيون، بينما يُقدَّم الفلسطينيون على أنهم برابرة. هذا التناقض دفعني إلى رسم وجوه الضحايا”.
وأشار إلى أن أوروبا ما تزال “تحمل عقدة ذنب تجاه ما ارتكبته بحق اليهود في الحرب العالمية الثانية، لكن الفلسطينيين لا علاقة لهم بذلك، ومن غير المقبول أن يدفعوا الثمن”.
معرض فني مرتقب لتوثيق المجازر
يعمل أبينا حاليًا مع مجموعة من الفنانين على تنظيم معرض فني يسلط الضوء على المجازر المرتكبة في غزة، يتضمن رسومات لنساء ورجال استُشهدوا تحت القصف الإسرائيلي.
وذكر أن لوحاته تتضمن رموزًا عميقة مثل: الطبيب، الصحفي، الأم، حنظلة، مفتاح العودة، غصن الزيتون، دفتر مدرسي مغتال… وكلها تُمثل صمود الفلسطيني في وجه المحو.
“فرشاة تحمل رسالة”
في ختام حديثه، قال الفنان الجزائري: “كل شخص يملك وسيلته، وأنا أستخدم الفرشاة لرسم من غابت صورهم عن العالم. نرسم الشهداء حتى لا يُمحون من الذاكرة. رغم محاولات الطمس، ستبقى فلسطين حيّة بالصور وبالوجدان الإنساني“.