ملفات وتقارير

بعد اقتراب افتتاح سد النهضة..هل ستتأثر حصة مصر الكاملة من مياه النيل

بعد أن شهدت إثيوبيا خلال موسم الأمطار فيضانات كبيرة، تجدد التساؤل حول توقيت وصول حصة مصر من مياه النيل كاملة، خاصة بعد اكتمال سد النهضة وتشغيله الفعلي. ورغم أن كميات المياه قد تزيد مؤقتًا خلال هذه الفترة؛ فإن تأثيرات تشغيل السد والمفاوضات السياسية تظل هي العامل الحاسم في تحديد ما إذا كانت مصر ستستعيد كامل حصتها قريبًا.


تشير صور الأقمار الصناعية وتحذيرات الأرصاد إلى أن إثيوبيا تعرَّضت لفيضانات قوية، ما زاد من تدفُّقات مياه النيل الأزرق، الرافد الرئيسي لنهر النيل بنسبة تقارب 85%. ورغم أن هذه الزيادة قد تعني تدفقًا أكبر نحو مصر؛ فإن وجود سد النهضة كحاجز تخزيني كبير يطرح علامات استفهام حول حجم المياه التي سيتم تمريرها بالفعل إلى مصر والسودان.

سد النهضة وتأثيره على حصة مصر من المياه


سد النهضة الذي اكتمل بناؤه في يوليو 2025 ويستعد للتدشين الرسمي في سبتمبر، يملك قدرة تخزين هائلة تصل إلى 74 مليار متر مكعب. وبحسب الدراسات، فإن إدارة السد بدون اتفاق ملزم قد تؤثر على حصة مصر من المياه، والتي تبلغ 55.5 مليار متر مكعب سنويًا وفق اتفاقيات تاريخية لا تعترف بها إثيوبيا.

خلال سنوات الملء الأولى، تأثرت مصر بالفعل بانخفاض في تدفق المياه، ما دفع الحكومة إلى تفعيل خطط للطوارئ وترشيد استهلاك المياه، وتعزيز مشروعات تحلية المياه وإعادة الاستخدام، لكن هذه الإجراءات لا تعوّض فعليًا نقص المياه الواردة من منابع النيل.

توقيت استعادة حصة مصر من مياه النيل
تحديد متى تستعيد مصر حصتها الكاملة من مياه النيل يعتمد على ثلاثة عوامل رئيسية:

طريقة تشغيل سد النهضة: إذا التزمت إثيوبيا بتمرير كميات كافية من المياه خاصة في مواسم الجفاف، فإن مصر قد تستعيد تدريجيًا حصة مياه النيل الكاملة.

الظروف المناخية: السنوات الممطرة قد تسهّل حصول مصر على حصتها دون خسائر كبيرة، لكن فترات الجفاف أو تغيّرات المناخ ستزيد من الأزمة.

المفاوضات السياسية: التوصل إلى اتفاق قانوني ملزم حول ملء وتشغيل السد هو العامل الأهم في ضمان تدفق حصة مصر من مياه النيل بشكل منتظم ومستقر.

تعاون وتنسيق


رغم استمرار الخلافات؛ فإن بعض التقارير تشير إلى وجود تنسيق مائي غير مباشر خلال موسم الفيضان لتقليل الأضرار على دولتي المصب. ووفق بيانات وزارة الري المصرية، فإن إيرادات النيل في الشهور الماضية شهدت زيادة طفيفة، لكنها غير كافية بعد لتعويض نقص السنوات الماضية.

كما أن المشاريع القومية مثل تبطين الترع، وإنشاء محطات معالجة المياه المزدوجة، وتوسيع شبكات الري الحديث تهدف إلى تحقيق أقصى استفادة من كل قطرة ماء تصل إلى مصر، خاصة مع التوقعات بأن تتأثر حصة مصر من مياه النيل مستقبلاً بفعل عوامل إقليمية ومناخية.

رغم ما قد توفره فيضانات إثيوبيا من مياه إضافية على المدى القصير، إلا أن استعادة حصة مصر من مياه النيل بالكامل تظل مرهونة باتفاق عادل حول تشغيل سد النهضة والتزام الجانب الإثيوبي بضمان حقوق دول المصب.

وفي غياب هذا الاتفاق، ستظل مصر تعمل على إدارة مواردها المائية بكفاءة، وتواصل الضغط السياسي والدبلوماسي من أجل حماية حصة مصر من مياه النيل، باعتبارها مسألة أمن قومي لا تحتمل التفاوض أو التأخير.

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى