محللون فلسطينيون: خطاب خليل الحية صرخة إنسانية ومسؤولية عربية في مواجهة الإبادة الجماعية في غزة

دعوة صادقة لمصر والأردن للقيام بدور محوري وكسر الحصار… وتحذير من محاولات تحريف الرسالة السياسية والأخلاقية
اعتبر محللون فلسطينيون أن خطاب خليل الحية، رئيس حركة “حماس” في قطاع غزة، شكّل محطة مفصلية في لحظة فلسطينية مأزومة، حيث جاء بمثابة نداء استغاثة وصرخة سياسية وأخلاقية موجهة إلى الأمة العربية والإسلامية، خاصة مصر والأردن، لتحمّل مسؤولياتهم تجاه الكارثة الإنسانية المتفاقمة في قطاع غزة.
نداء استغاثة وصرخة باسم المحاصرين
وفي تصريحات لـ”قدس برس”، الإثنين، أجمع عدد من المحللين السياسيين الفلسطينيين على أن خطاب الحية أعاد التأكيد على البعد العربي والإسلامي للقضية الفلسطينية، وذكّر الدول المجاورة بدورها المحوري، في ظل إبادة جماعية وتجويع ممنهج يتعرض له سكان القطاع.
ورأى هؤلاء أن الخطاب عبّر عن معاناة الأهالي وصمود المقاومة، في وقت قابلته بعض الأطراف بمحاولات تشويه وتحريف الرسالة بدلًا من الاستجابة لها سياسيًا وإنسانيًا.
إياد القرا: مصر والأردن أمام اختبار إنساني وتاريخي
قال المحلل السياسي إياد القرا إن خطاب الحية “يُعبّر عن الحالة الفلسطينية الراهنة، لا سيما في ظل المطالبة بدور مصري أكثر فاعلية“، مشيرًا إلى أن مصر تملك الوساطة المباشرة ومعبر رفح، ما يتيح لها الضغط لفتح المعابر وإدخال المساعدات.
وأضاف أن العلاقة مع مصر “ذات أهمية خاصة في هذا السياق”، وكذلك الأردن، الذي يشهد حملة تضامن شعبي ويمكنه اللعب بدور مباشر في إيصال المساعدات.
وشدد القرا على أن ما جاء في الخطاب “يمثل صرخة إنسانية صادقة”، تتطلب تنسيقًا مباشرًا وفعليًا مع مصر، خاصة في ظل فشل عمليات الإنزال الجوي في تلبية احتياجات المدنيين، مؤكدًا أن بعض الدول الغربية والإمارات بدأت تعتمد على الأردن، ما يعزز أهميته في المرحلة الراهنة.
ماجد الزبدة: الخطاب يعكس خذلانًا عربيًا واستنهاضًا للضمير الجمعي
أما الكاتب والمحلل ماجد الزبدة، فرأى أن خطاب الحية “يمثّل صوتًا جمعيًّا باسم أهالي غزة الذين يشعرون بخذلان عميق من محيطهم العربي والإسلامي“، مشيرًا إلى أن مناشدته تمثل “نداء استغاثة لاستنهاض الشعوب والنخب والأنظمة” للقيام بواجبهم الإنساني والعروبي.
واعتبر الزبدة أن المناشدة لا تعكس يأسًا من المقاومة، التي أثبتت قدرتها وصمودها، وإنما هي صرخة تعبئة للضمير الجمعي في مواجهة حرب إبادة تنفذها إسرائيل بدعم أمريكي مباشر.
وأضاف أن الخطاب “تذكير حاسم بأن القضية الفلسطينية لا تزال قضية الأمة المركزية، وأن الدفاع عن غزة هو دفاع عن الكرامة والهوية العربية والإسلامية”.
إبراهيم المدهون: الحية وجّه خطابًا مسؤولًا وصادقًا.. ومصر في صلب النداء
وصف المحلل السياسي إبراهيم المدهون خطاب الحية بأنه “مناشدة صادقة وواضحة لكل من يستطيع التحرك”، محذرًا من حالة القتل والتجويع والتطهير العرقي غير المسبوقة، والتي تحمّل الجميع—دولًا وشعوبًا—مسؤولية التحرّك العاجل.
وأوضح المدهون أن تركيز الخطاب على مصر والأردن نابع من ثلاثة اعتبارات:
- العلاقة التاريخية والوجدانية مع الشعب الفلسطيني؛
- الموقع الجغرافي الاستراتيجي للبلدين؛
- رمزيتهما السياسية في وعي الأمة، ولا سيما مكانة مصر المحورية.
وانتقد المدهون بشدة محاولات بعض الأطراف تشويه الخطاب وتحريفه، معتبرًا أنها هروب من المسؤولية والواجبات القومية، مضيفًا:
“بدلًا من دعم النداء، رأينا من يشن هجومًا ظالمًا عليه، وهي رسالة من شعب محاصر يواجه الموت يوميًا”.
وأكد أن خطاب الحية كان واضحًا ومسؤولًا، يعبّر عن صمود واستغاثة في آن، وهو دعوة مباشرة إلى الأنظمة والشعوب والعلماء والنقابات للتحرك قبل فوات الأوان.
حرب إبادة مستمرة منذ أكتوبر 2023
وتأتي هذه الدعوات في ظل استمرار العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، والذي أسفر، بحسب تقارير فلسطينية ودولية، عن استشهاد نحو 60 ألف فلسطيني، وإصابة أكثر من 145 ألفًا، بالإضافة إلى تشريد السكان وتدمير القطاع بالكامل، في دمار وُصف بأنه غير مسبوق منذ الحرب العالمية الثانية.