تونس

منظمة العفو: الإدانات الجماعية في “قضية التآمر 2” تعمّق أزمة سيادة القانون في تونس

نددت منظمة العفو الدولية، الثلاثاء، بالأحكام الجماعية الصادرة ضد شخصيات معارضة في ما يُعرف بـ”قضية التآمر 2″، مؤكدة أن المحاكمة شابتها انتهاكات جسيمة للإجراءات القانونية، وتعكس تدهورًا مقلقًا في استقلال القضاء والحريات العامة في تونس.

وقالت المنظمة إن القضية التي انتهت بإدانة 21 شخصًا، بينهم قادة في حزب النهضة ومحامون ومسؤولون سابقون، تمثل “اعتداءً صارخًا على التزامات تونس في مجال حقوق الإنسان”، وتُظهر كيف يتم استغلال نظام العدالة الجنائية لقمع المعارضة السلمية.

سارة حشاش: المحاكمة صُورية ونتائجها استخفاف بالعدالة

وفي بيان رسمي، قالت سارة حشاش، نائبة مديرة المكتب الإقليمي للشرق الأوسط وشمال إفريقيا في منظمة العفو الدولية:
“الإدانات في ’قضية التآمر 2‘ هي ظلم بالغ واعتداء على حرية التعبير وتكوين الجمعيات والنشاط السياسي السلمي. إنها محاكمات تفتقر للإنصاف والمصداقية، وتحوّل القضاء إلى أداة قمع سياسي”.

أحكام مشددة واتهامات غامضة

بدأت المحاكمة في 24 يونيو/ حزيران 2025، وانتهت في 8 يوليو/ تموز بإدانة 21 شخصًا من أصل 24، تراوحت أحكامهم بالسجن بين 12 و35 عامًا. ومن أبرز المحكوم عليهم:

  • راشد الغنوشي (رئيس حزب النهضة) – 14 عامًا غيابيًا.
  • الحبيب اللوز، سمير الحناشي، فتحي البدوي – 12 عامًا لكل منهم.
  • معاذ الخريجي، لطفي زيتون (في المنفى) – 35 عامًا لكل منهما.

وتمت تبرئة شخص واحد فقط، فيما لا يزال اثنان في انتظار استئناف الأحكام الصادرة ضدهما.

أدلة مشبوهة وشهود مجهولون

أوضحت منظمة العفو أن التحقيق استند إلى بلاغ من مخبر مجهول، وشهادات من عناصر أمنيين لم تُتح مراجعتها علنًا، واتصالات خاصة انتقدت الرئيس سعيّد، دون أي دليل ملموس على وجود مؤامرة حقيقية.

واعتبرت أن الادعاء باستخدام السياسيين “جهازًا أمنيًا سريًا” لم يُدعَّم بأي دليل مستقل أو رسمي، بل اعتمد على تسريبات إعلامية ومزاعم من نقابات أمنية موالية للسلطة.

محاكمات مغلقة وانتهاكات للإجراءات

وثقت المنظمة إجراء المحاكمات عبر الفيديو من داخل السجون، دون حضور فعلي للمتهمين أو السماح بتواصلهم مع محاميهم بشكل ملائم، إضافة إلى فرض قيود على دخول الصحفيين والمراقبين المستقلين وعائلات المتهمين إلى قاعة المحكمة، مما قوّض الشفافية والعدالة.

دعوة لإلغاء الأحكام والإفراج الفوري

طالبت منظمة العفو الدولية السلطات التونسية بـ:

  • إلغاء جميع الأحكام في “قضية التآمر 2”.
  • الإفراج الفوري عن المحتجزين تعسفيًا.
  • ضمان محاكمات جديدة تتماشى مع المعايير الدولية.

كما دعت إلى وقف استخدام قوانين مكافحة الإرهاب والأمن القومي كأدوات لقمع المعارضة، واستعادة استقلال القضاء وضمان المحاكمة العادلة العلنية.

خلفية: قمع ممنهج منذ 2021

قالت المنظمة إن تونس تشهد منذ يوليو/تموز 2021، بعد استحواذ الرئيس قيس سعيّد على السلطات، تراجعًا حادًا في سيادة القانون، شمل تفكيك الضمانات القضائية، وملاحقة صحفيين ونشطاء ومعارضين، واستغلال القضاء لتصفية الخصوم السياسيين.

وأكدت أن ذلك أدى إلى مناخ عام من الخوف والرقابة وتقييد الحريات الأساسية، في تناقض تام مع التزامات تونس الدولية، بما في ذلك الميثاق الإفريقي لحقوق الإنسان، والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.

المصدر منظمة العفو الدولية

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى