فلسطينملفات وتقارير

واشنطن بوست: حوار فكري بين ثلاثة كتّاب أميركيين يكشف تعقيدات الحرب في غزة ويصفها بـ”المأساة الطويلة”

في حوار سياسي وفكري موسّع، ناقش ثلاثة من أبرز كتّاب صحيفة واشنطن بوستشادي حميد، وماكس بوت، ودامير ماروشيك – مآلات الحرب الإسرائيلية المستمرة على قطاع غزة، وأسباب تعثّر وقف إطلاق النار، وخيارات الخروج من صراع وصفوه بأنه “عبثي وطويل الأمد” و”وصمة أخلاقية دائمة” تلاحق إسرائيل.

لا مؤشرات على نهاية الحرب

افتتحت الصحيفة تقريرها بالقول إن الحرب بين إسرائيل وحماس لا تلوح لها نهاية قريبة، على الرغم من تقارير دولية موثوقة توثق مجاعة شاملة في غزة.

ورغم إصدار رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أوامر بوقف القتال مؤقتًا في بعض المناطق، يرى الكتّاب الثلاثة أن هذا التراجع لا يعكس نية حقيقية لإنهاء الحرب، بل مجرد محاولة للتهدئة في مواجهة ضغط دولي متصاعد.

دوافع سياسية لا عسكرية

أكّد الكاتب شادي حميد، الباحث في كلية فولر اللاهوتية، أن الحرب تحوّلت من أهداف عسكرية إلى دوافع سياسية، قائلاً إن نتنياهو “يقاتل من أجل بقائه السياسي”.

وانتقد حميد موقف الولايات المتحدة، معتبرًا أن واشنطن تمتلك النفوذ لكنها ترفض استخدامه بفعالية، في وقت تعجز فيه عن ضبط حليفها الأقرب.

أما ماكس بوت، الزميل بمجلس العلاقات الخارجية، فأشار إلى أن ديناميكية الصراع لم تتغير، فنتنياهو لا يزال يعتمد على اليمين المتطرف الذي يرفض إنهاء الحرب دون استئصال شامل لحركة حماس، رغم عدم وجود خطة واضحة لما بعد الحرب.

وشبّه بوت نهج نتنياهو بنهج دونالد ترامب، الذي كان يتخذ قرارات غير شعبية لإرضاء قاعدته السياسية.

تغيّر في المزاج العام الإسرائيلي

أشار حميد إلى أن الأزمة لم تعد محصورة بالحكومة، بل إن الرأي العام الإسرائيلي بات أكثر تطرفًا، حيث أظهرت استطلاعات تأييدًا واسعًا للطرد الجماعي للفلسطينيين من غزة، في مؤشر خطير على انهيار المسار السياسي وتزايد التشدد.

هل يمكن لنتنياهو أن ينهي الحرب ويبقى؟

طرح دامير ماروشيك، المحرر في قسم الآراء بالصحيفة، تساؤلًا جوهريًا: هل يمكن لنتنياهو إنهاء الحرب والبقاء في السلطة؟ معتبرًا أن هذا السيناريو قد يكون الطريق الواقعي الوحيد لإنهاء الحرب، بشرط تخلّيه عن دعم اليمين المتطرف.

وأضاف بوت أن الحكومة الإسرائيلية باتت حكومة أقلية بعد انسحاب حزبين دينيين، ما قد يُتيح لنتنياهو تشكيل تحالف مع الوسط لإنهاء الحرب دون إسقاطه سياسيًا.

لا استسلام من حماس ولا بديل جاهز

اتفق المتحاورون على أن رهان إسرائيل على استسلام حماس غير واقعي، مؤكدين أن الحركة تستمد شرعيتها من غياب البدائل وتصاعد الظلم الواقع على الفلسطينيين.

واقترح بوت خطة انتقالية تشمل نشر قوة حفظ سلام عربية، وإعطاء دور محدود للسلطة الفلسطينية، مع إطلاق صندوق دولي لإعمار القطاع.

وأكد ماروشيك أن سياسات إسرائيل لا تزيد حماس إلا شرعية في نظر الفلسطينيين، مشيرًا إلى أن الحديث عن القضاء عليها دون خطة بديلة هو وهم سياسي.

الإبادة والمأزق الأخلاقي

في أكثر مقاطع الحوار إثارة، وصف حميد نهج إسرائيل في غزة بأنه يقترب من تعريف الإبادة الجماعية، مؤكدًا أن القضاء على حماس كما تُصوّره إسرائيل يتطلب قتل كل من له أدنى صلة بها، وهو ما يعني حربًا بلا نهاية.

وأعرب ماكس بوت – رغم تأييده السابق لإسرائيل – عن اشمئزازه مما يحدث في غزة، واعتبر أن تصرفات إسرائيل تجاوزت كل حدود الأخلاق والقانون الدولي.

لا جدوى من الأمل الزائف

اختتم ماروشيك الحوار بنبرة قاتمة، قائلاً:
“لا جدوى من اصطناع أمل أكبر مما تسمح به الوقائع المأساوية. المسار واضح منذ زمن، وعلينا فقط أن نأمل في أن يُسلك قبل فوات الأوان.”

هذا الحوار يعكس تحوّلًا لافتًا في الخطاب الإعلامي الغربي، ويعري المأزق الأخلاقي والسياسي الذي تواجهه إسرائيل، وسط انهيار الأفق السياسي، وتصاعد الغضب العالمي من الحرب على غزة، التي باتت – بحسب هؤلاء الكتّاب – كارثة أخلاقية واستراتيجية، لا منتصر فيها.

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى