
في مشهد يعيد إلى الأذهان بدايات الثورة المصرية عام 2011، رحل الشاب أيمن صبري، 21 عامًا، داخل قسم شرطة بلقاس بمحافظة الدقهلية، وسط اتهامات مباشرة من أسرته وشهود عيان بتعرضه للتعذيب خلال أقل من أسبوع على احتجازه.
جثمان أيمن، بحسب شهادات أسرته، حمل آثار إصابات واضحة، لتتكرر الرواية الرسمية ذاتها عن «إعياء مفاجئ وهبوط حاد في الدورة الدموية»… تمامًا كما سمع المصريون قبل 15 عامًا عند مقتل الشاب خالد سعيد.
لم يكن خالد سعيد مجرد ضحية تعذيب؛ كان شرارة أشعلت الثورة وأطلقت موجة غضب عمّت مصر كلها، بعدما اجتمع الملايين حول صور وجهه المشوَّه، وصار رمزًا لعنف النظام وإفلات الجناة من العقاب.
اليوم، يعود المشهد بصورة لا تقل قسوة: شاب في مقتبل العمر، طالب بكلية الآداب – جامعة المنصورة، يُسحب من منزله ليموت في ظرف أسبوع داخل حجز الشرطة، وسط صمت رسمي واحتجاج شعبي محدود قوبل بالتفريق الأمني.
🔍 بين الأمس واليوم: هل تغير شيء؟
15 عامًا مضت، تغيّر فيها كل شيء… إلا شيء واحد: استمرار التعذيب داخل مقار الاحتجاز، وسياسة الإفلات من العقاب.
مؤسسة الشهاب لحقوق الإنسان، في بيان رسمي، عبّرت عن قلقها الشديد، وطالبت بتحقيق عاجل ومستقل يُشرف عليه القضاء، مع كشف تقرير الطب الشرعي للرأي العام.
لكن التجربة تقول: غالبًا ما تبقى هذه المطالب حبرًا على ورق، بينما تتكرر حوادث الوفاة الغامضة، وتُدفن الحقيقة مع أصحابها.
شرارة الثورة.. هل تُشعلها دماء جديدة؟
تسود اليوم حالة من السخط الصامت داخل قطاعات واسعة من الشعب المصري: أوضاع اقتصادية خانقة، غلاء أسعار، تراجع الحريات، وإغلاق المجال العام.
ويظل السؤال الأهم: هل تتحول حادثة مثل مقتل أيمن صبري إلى رمز جديد يلتف الناس حوله؟
ربما لا يملك أحد إجابةً حاسمة، لكن التاريخ يخبرنا أن الغضب الحقيقي لا يختفي؛ بل يتراكم في الصدور، حتى تأتي لحظة الانفجار.
في النهاية، أيمن صبري هو اسم جديد على قائمة طويلة من ضحايا العنف الأمني في مصر، لكن ربما يكون أيضًا اسمًا جديدًا في ذاكرة وطن لا ينسى… وطن يبحث عن عدالة مؤجلة منذ سنوات.