
يُنشر هذا المقال بصفتي الأكاديمية والوطنية،
كوثيقة توثيقية وتحذير قانوني وسياسي
ضد ما أعتبره تفريطًا في سيادة مصر وأرضها وثرواتها،
ويُعد بمثابة طعن دستوري شعبي مفتوح يُحمِّل كل من وقّع وسهَّل وسكت المسؤولية التاريخية والقانونية الكاملة.
التسلسل الزمني لصفقة رأس الحكمة
في فبراير 2024 أُبرم اتفاق استثماري بين الحكومة المصرية و”القابضة” (ADQ) – صندوق أبوظبي السيادي – لتطوير منطقة رأس الحكمة على ساحل المتوسط.
نص الاتفاق على تطوير مدينة سياحية واستثمارية متكاملة على مساحة 170 مليون متر مربع بمحافظة مطروح، مع ضخ استثمارات قيمتها 35 مليار دولار خلال فترة قصيرة .
تضمن العقد حصول مصر فورًا على دفعات بالدولار بلغت 10 مليارات دولار (على مرحلتين) ، على أن يكتمل ضخ باقي المبلغ خلال شهرين لاستيفاء الـ35 مليار دولار المعلَن عنها.
وقد أصدر الرئيس عبد الفتاح السيسي بالتزامن القرار الجمهوري رقم 55 لسنة 2024 الذي خصص تلك الأرض (170.8 مليون متر) لهيئة المجتمعات العمرانية الجديدة لإقامة مدينة رأس الحكمة الجديدة، بعدما تم نقل ملكيتها من جهاز مشروعات القوات المسلحة (الذي كانت الأرض تتبعه) .
وفي 23 فبراير 2024 أعلن رئيس الوزراء مصطفى مدبولي تفاصيل الصفقة في مؤتمر صحفي، مؤكدًا أن الشراكة مع الإمارات ستجلب 15 مليار دولار بشكل فوري (منها 11 مليار دولار عبر تحويل ودائع إماراتية بالجنيه المصري) وصولًا إلى 35 مليار خلال شهرين .
تم توقيع عقد التطوير رسميًا بمقر مجلس الوزراء بالعاصمة الإدارية الجديدة بحضور ممثلين عن الجانبين المصري والإماراتي .
في أكتوبر 2024، شهد الرئيس السيسي ونظيره الإماراتي محمد بن زايد حفلًا في أبوظبي للإعلان عن المخطط الرئيسي للمشروع وتعيين شركة مدن القابضة (التابعة لـADQ) كمطور رئيسي للمدينة .
عقب ذلك، بدأت مدن إطلاق المرحلة الأولى من المشروع (“وادي يم”) وطرحت وحدات سكنية وفيلات للبيع في يوليو 2025 بأسعار فلكية؛ حيث بلغ متوسط سعر الشقق الفاخرة المكونة من غرفة واحدة حوالي 20 مليون جنيه، وتجاوزت بعض أسعار الفيلات 300 مليون جنيه للوحدة.
هذه الخطوات المتسارعة توضح كيف انتقلت الصفقة من التوقيع إلى التنفيذ والتسويق التجاري خلال أقل من عامين.
المخالفات الدستورية والقانونية في الصفقة
يثير توقيع صفقة رأس الحكمة على هذا النحو شبهات تعارض صارخ مع نصوص الدستور المصري. تنص المادة 33 من دستور 2014 المعدّل على أن الأملاك العامة للدولة لا يجوز التصرف فيها، كما لا يجوز منح امتياز استغلال الموارد الطبيعية إلا بقانون ولمدة محدودة .
إن نقل ملكية 170 مليون متر من الأراضي الساحلية (وهي من الأصول العامة ذات الطبيعة السيادية) إلى صندوق سيادي أجنبي دون قانون منظم أو مزايدة علنية يمثل التفافًا على هذا النص الدستوري.
حتى لو اعتُبرت الأرض ملكية خاصة للدولة بعد إعادة تخصيصها بقرار جمهوري، فإن الدستور ذاته يوجب أن يتم تنظيم التصرف فيها بقانون يحقق الشفافية والمساواة .
لم يُعرض المشروع في أي مناقصة علنية أو منافسة مفتوحة وفق قانون المشتريات الحكومية رقم 182 لسنة 2018، بل جرى بالأمر المباشر لصالح مستثمر واحد، مما يحرم الدولة من مبدأ تكافؤ الفرص ويهدر شرط العلانية في بيع الأصول العامة.
فضلاً عن ذلك، يُعتبر منح حقوق تطوير شريط ساحلي استراتيجي بهذا الحجم مساسًا بالسيادة الإقليمية وفق روح الدستور.
فالمادة 151 من الدستور تشترط موافقة البرلمان، بل واستفتاء الشعب، على أي اتفاقية دولية يترتب عليها التنازل عن جزء من أراضي الدولة أو حقوق سيادية .
ورغم محاولة الحكومة تصوير الصفقة كـ”شراكة استثمارية” وليست معاهدة دولية، إلا أن النتيجة الفعلية هي تمليك أراضٍ مصرية لشركة أجنبية لعقود طويلة وربما بصفة دائمة، مما يقترب عمليًا من التنازل عن أرض دون استفتاء.
وقد أرست المحكمة الدستورية العليا مبدأً واضحًا بأن أعمال السيادة لا تحصّن أي اتفاق يتضمن التخلي عن جزء من إقليم الدولة .
إن تمرير الصفقة دون عرضها على مجلس النواب أو استفتاء شعبي يمثل مخالفة دستورية صريحة، سواء اعتُبرت اتفاقية استثمار أو ترتيبات سيادية، نظرًا لحجمها وآثارها على مقدرات الوطن.
علاوة على ذلك، تتحمل الحكومة مسؤولية قانونية عن خرق قوانين التخطيط العمراني وحماية الشواطئ.
فالساحل الشمالي الغربي له حساسية أمنية وبيئية، وأي تغيير كبير في استخدام أراضيه يستلزم موافقات تشريعية ودراسات أثر بيئي لم يعلن عن إجرائها بشفافية.
إن عدم قيام الأجهزة الرقابية أو البرلمان بدورهما في مراجعة هذه الصفقة قبل إقرارها يطرح تساؤلات حول مدى احترام مبدأ الفصل بين السلطات وسيادة القانون في إدارة أصول الدولة.
الأطراف والمسؤولون عن تمرير الصفقة
تكشف وثائق الصفقة والمسار الإجرائي لها عن عدة جهات وأشخاص رسميين يتحملون المسؤولية المباشرة عن إبرامها وتمريرها.
في المقدمة رئيس الجمهورية عبد الفتاح السيسي الذي أصدر قرار تخصيص الأرض لهيئة المجتمعات العمرانية وتنازل عمليًا عن أراضٍ كانت مملوكة للقوات المسلحة لصالح المشروع .
يتمتع رئيس الجمهورية دستوريًا بصلاحيات التوقيع على الاتفاقات الدولية والتصرف في أراضي الدولة بموافقة الجهات التشريعية، وبالتالي فدوره حاسم في الموافقة على هذه الصفقة وتمريرها دون شفافية.
يليه رئيس الوزراء مصطفى مدبولي الذي وقع الاتفاق عن الجانب المصري وأعلنه للرأي العام، بل وشكّل لجنة وزارية خاصة لتيسير تنفيذ المشروع وإزالة العقبات أمامه .
لقد صرّح مدبولي بأن مشروع رأس الحكمة هو “شراكة استثمارية” لا تمس السيادة وأن بنود العقد لا تُفسَّر بما يخالف القانون المصري ، مما يجعله مسؤولًا عن تبعات هذا التأكيد وعن أية مخالفات تالية في التطبيق.
إلى جانب ذلك، لعبت هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة الدور المؤسسي المحوري في الصفقة، إذ آلت إليها الأرض بموجب قرار جمهوري لتقوم بتطويرها أو بالشراكة في تطويرها.
الهيئة هي الجهة الحكومية المالكة أسميا للأرض وقت التعاقد، وبالتالي أي تنازل عن تلك الأرض أو جزء منها لمستثمر أجنبي تم بعلم وموافقة مسؤولي الهيئة ووزارة الإسكان المشرفة عليها.
أما جهاز مشروعات القوات المسلحة فيمثّل المستفيد الخفي والمباشر من العملية؛ فقد كانت الأرض في حوزة الجيش سابقًا وقام بنقلها إلى الهيئة المدنية بغرض إتمام الصفقة.
ورغم عدم الإفصاح عن تفاصيل ما حصل عليه الجهاز العسكري مقابل ذلك، فإن الدور الذي لعبه كمالك أصلي للأرض يجعل قياداته شريكة في المسؤولية.
تشير بعض التقديرات إلى أن جزءًا من العوائد (أو المنافع) قد يعود لمشروعات القوات المسلحة سواء عبر نسبة من أرباح المشروع أو عبر إسقاط التزامات ديون عسكرية ضمن الاتفاق.
وأخيرًا، لا يمكن إغفال صندوق أبوظبي السيادي (ADQ) نفسه كطرف مستفيد وضاغط؛ فرغم أنه جهة أجنبية تجارية، إلا أنه حظي بتسهيلات استثنائية من الجانب المصري لإتمام الصفقة مما كان ليحدث دون تعاون ومسؤولية مباشرة من الجهات المصرية المذكورة.
باختصار، كل من وقّع ووافق وسهّل هذه الصفقة من الجانب المصري يتحمل المسؤولية السياسية والقانونية عنها، وفي مقدمتهم رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء والجهات الحكومية والعسكرية المالكة للأرض.
أدلة على أن الصفقة بيع مقنّع وليست استثمارًا
رغم حرص الخطاب الرسمي على توصيف اتفاق رأس الحكمة كشراكة استثمارية أو تطوير عقاري، تكشف الوثائق والتصريحات أن ما حدث هو بيع مباشر لأرض سيادية مصرية تحت ستار الاستثمار.
أبرز الأدلة على ذلك ما ورد في إفصاحات شركة ADQ نفسها في بورصة لندن، حيث وصفت الصفقة بأنها استثمار 24 مليار دولار في مصر من خلال “الحصول على ملكية قطعة أرض مساحتها 170 مليون متر مربع في رأس الحكمة” .
هذا النص الإنجليزي الرسمي (ضمن نشرة طرح سندات لـADQ) يؤكد أن جوهر الاتفاق هو نقل ملكية الأرض إلى الصندوق الإماراتي مقابل دفع المال، تمامًا كأي صفقة بيع عقاري.
كما أوضح نفس الإفصاح أن الحكومة المصرية ستتحمل تمويل غالبية الالتزامات المبدئية للمشروع، بما يعني أن الدولة ستتكفل بالبنية التحتية والمرافق الأساسية من خزينة المصريين، بينما انتقلت حقوق الانتفاع والتطوير كاملة للطرف الإماراتي.
أيضًا أعلنت وكالة أنباء الإمارات الرسمية أن ADQ وقّعت في فبراير 2024 صفقة مع مصر للحصول على حقوق تطوير رأس الحكمة بالكامل.
اصطلاح “حقوق التطوير” في مشروع بهذا الحجم يعني حق التصرف المطلق في الأرض وكأنه مالك لها خلال فترة التنمية وربما بيعها مجزأة للغير.
ولم يكن غريبًا بعد ذلك أن يصرّح مسؤولون إماراتيون بأن مدينة رأس الحكمة ستكون “مشروعًا إماراتيًا” على أرض مصرية، مما يعزّز الانطباع بانتقال السيطرة والملكية فعليًا إليهم.
بل إن بعض الخرائط غير الرسمية ظهرت لاحقًا على الإنترنت تضع منطقة رأس الحكمة تحت تصنيف مختلف وكأنها أرض مملوكة للإمارات – وهي وإن كانت خرائط غير معتمدة، إلا أنها تعكس الواقع الجديد على الأرض كما يراه المستثمر ذاته.
من ناحية الأرقام، يتضح الخلل البالغ في الصفقة عند مقارنة سعر بيع الأرض بأسعار بيع المنتجات العقارية عليها.
فقد بلغت القيمة الفعلية للأرض في الصفقة حوالي 10 مليارات دولار فقط (وهو المبلغ الدولاري الذي تسلمته الحكومة كدفعة عاجلة) ، أي ما يعادل تقريبًا 588 جنيهًا للمتر المربع الواحد!
وهذا الرقم الزهيد يظهر عند احتساب 10 مليارات دولار على 170 مليون متر² (حتى قبل تعويمات الجنيه الأخيرة). بالمقارنة، أعلنت شركة مدن الإماراتية – المطور الرئيسي – عن بيع الوحدات في المشروع بأسعار قياسية؛ فمثلاً الشقة المكونة من غرفة واحدة يبلغ متوسط سعرها نحو 20 مليون جنيه، والفيلات الفاخرة تُباع بما يتجاوز 300 مليون جنيه للفيلا الواحدة .
أي أن سعر المتر المربع المبني للمشتري النهائي يصل إلى مئات الآلاف من الجنيهات (وقد يتجاوز المليون جنيه للمتر في بعض الفيلات الفارهة)، بينما سعر المتر المربع كأرض خام دفعه المستثمر الأجنبي لم يتعدَّ بضع مئات من الجنيهات.
هذه الهوّة السحيقة بين سعر الشراء وسعر البيع تؤكد أننا أمام عملية سمسرة في أراضي الدولة أكثر منها استثمار حقيقي متكافئ.
فالصندوق السيادي حصل على أرض شاسعة بأسعار بخسة ليبيعها لاحقًا مقسمة بأضعاف مضاعفة من الربح، مستفيدًا من امتيازات الدولة المضيفة.
فضلاً عن ذلك، لم تُعلن الحكومة عن أي مزايدة أو منافسة على مشروع رأس الحكمة رغم ضخامة قيمته. أي مستثمر عقاري عالمي لو علم بتوفر 170 مليون م² من أجود الأراضي الساحلية المصرية للتنمية السياحية، لكان من حقه المنافسة وتقديم عروض ربما أكبر ماليًا أو أفضل فنيًا.
لكن ما جرى هو منح المشروع بالأمر المباشر لـADQ دون شفافية، مما يحرم الخزانة العامة من تحقيق أعلى عائد ممكن من بيع الأرض أو تأجيرها.
كما تتحمل الدولة المصرية كافة تكاليف ترفيق الأرض والبنية الأساسية من طرق ومرافق، بناءً على ما ظهر في تصريحات رسمية ووثائق التمويل .
هذا يعني أن المستثمر لم يدفع ثمن الأرض الحقيقي ولا ثمن تجهيزها، بل اكتفى بضخ مبلغ مالي (أغلبه في صورة تحويل ودائع قديمة من دولارات إلى جنيهات) مقابل الاستحواذ.
وقد كشف رئيس الوزراء المصري نفسه أن 11 مليار دولار من أصل التمويل المعلن ما هو إلا ودائع إماراتية كانت بالبنك المركزي تم تحويلها للجنيه لتُحتسب ضمن الصفقة، مما يجعل الصفقة أشبه بـمقايضة ديون بأصول: أسقطت الإمارات جزءًا من ديونها المستحقة على مصر (ودائعها الدولارية) مقابل الحصول على أرض مصرية.
هذه ليست استثمارات أجنبية مباشرة بالمعنى الحقيقي تضيف عملة صعبة جديدة أو تكنولوجيا متقدمة، بل هي عملية استبدال: أرض مقابل ديون. وبذلك فقدت مصر أصلًا سياديًا مقابل تخفيف مؤقت لأعباء مالية.
أخيرًا، يكشف غياب أي إعلان تفصيلي لبنود العقد أن الصفقة تفتقر للحد الأدنى من الشفافية الذي يُفترض في أي استثمار كبير.
لم تنشر الحكومة عقد الشراكة ولا شروطه، ولم توضّح ما الضمانات أو الالتزامات على الطرف الإماراتي (كجداول تنفيذ أو غرامات تأخير وغيرها).
هذا التكتم يوحي بأن الكفة مائلة تمامًا لصالح المستثمر الذي امتلك الأرض بحرية كبيرة، بينما اكتفت الدولة بنسبة 35% من أرباح المشروع (ستأتي مستقبلاً إن جاءت) .
كل تلك القرائن تدل بوضوح أن ما حدث هو بيع وتفريط في أرض الدولة تحت غطاء “التطوير”، حيث انتقلت السيادة الاقتصادية على الأرض عمليًا إلى طرف أجنبي سيحصد معظم العوائد، بينما تحملت الدولة التكاليف والمخاطر.
خاتمة: تفريط في السيادة الاقتصادية ودعوة للتحقيق
تُظهر المعطيات السابقة أن صفقة رأس الحكمة لم تكن سوى تفريط جسيم في أصول مصر السيادية تحت مسمى جذب الاستثمار.
لقد انتهكت الصفقة نصوص الدستور وروحه بحجبها عن الرقابة الشعبية والنيابية، وبما انطوت عليه من تنازل فعلي عن أرض مصرية لصالح صندوق أجنبي بدون شفافية أو مقابل عادل.
كما كرّست هذه الصفقة منهج استبدال الديون بالأصول الذي يحذر الخبراء من خطورته على استقلال القرار الوطني؛ فحين تُسدّد الديون عبر التنازل عن أراضي الدولة، فإن ذلك يهدد الأمن القومي الاقتصادي للأجيال القادمة ويفتح الباب لمزيد من الارتهان للخارج.
إننا أمام سابقة خطيرة قد تشجع على بيع مزيد من أصول الوطن لتسوية أزمات مالية مؤقتة. لذلك فإن النيابة العامة والأجهزة الرقابية المصرية مدعوة للتحرك الفوري لفتح تحقيق شفاف وشامل في ملابسات هذه الصفقة.
ينبغي فحص مدى قانونية إجراءات البيع والتعاقد، والتدقيق في دور كل مسؤول شارك في إبرامها أو وافق عليها، وتحديد ما إذا كانت تشكل إهدارًا متعمدًا للمال العام أو مخالفة لقوانين الدولة تستوجب المساءلة الجنائية.
فالمادة 8 من الدستور تلزم الدولة بالحفاظ على مواردها للأجيال المقبلة، وما جرى في رأس الحكمة يناقض ذلك تمامًا.
إن المسؤولية السياسية والجنائية يجب أن تطال كل من وقّع أو ساهم أو سهّل هذه الصفقة المجحفة بحق الوطن.
وعلى البرلمان – إن كان مغيبًا عند التوقيع – أن يمارس دوره الآن في مساءلة الحكومة واستدعاء المسؤولين لكشف حقيقة ما حدث للرأي العام.
كما أن الرأي العام المصري مدعوٌ للمطالبة بحقوقه الدستورية في أرضه وثرواته عبر كل السبل القانونية والسلمية المتاحة.
فلا يجوز أن يُترك التفريط في مقدرات البلاد يمر بلا حساب. ما حدث في رأس الحكمة هو جرس إنذار بأن السيادة الاقتصادية لمصر ليست محصنة ما لم يتحرك المصريون ومؤسسات الدولة لحمايتها.
وختامًا، يؤكد هذا المقال – بوصفه مذكرة طعن قانونية قابلة للتقديم أمام جهات القضاء – أن ما تم في صفقة رأس الحكمة باطل دستوريًا ومخالف للقانون ويستلزم إبطال آثارها ومحاسبة المسؤولين عنها حفاظًا على حق الشعب في أرضه وثرواته .
صون الدستور وسيادة القانون يقتضي إعادة النظر فورًا في هذه الصفقة وتصحيح مسارها، حتى يكون الاستثمار في مصر بناءً على الشفافية واحترام سيادة الدولة وليس على حسابها.
لقد آن الأوان لتأكيد أن أراضي مصر ليست للبيع، وأن أي شراكة يجب أن تتم بما يعود بالنفع الحقيقي على الشعب ويصون حقوقه الدستورية والاقتصادية.
هذا “الطعن” الصحفي والقانوني هو صرخة باسم الدستور والعدالة: أوقفوا التفريط، وحاسبوا كل من يستهين بسيادة مصر وثقة شعبها.