
السؤال: كيف يستخدم الغرب “الدولة الفلسطينية” لإنقاذ إسرائيل من الهزيمة السياسية والأخلاقية؟
في الوقت الذي لا تزال فيه طائرات الاحتلال الإسرائيلي تمطر غزة بالقنابل، ويُحاصر مليونا فلسطيني بالجوع والعطش والمرض، يخرج الاتحاد الأوروبي وبعض الدول الغربية فجأة للحديث عن “حل الدولتين” و”الاعتراف بدولة فلسطينية”، وكأنهم يقدّمون طوق نجاة لغزة، أو يُنقذون الشعب الفلسطيني من محنته.
لكن الحقيقة المُرّة أن هذا الإعلان ليس إلا حركة سياسية خبيثة، تهدف إلى إنقاذ إسرائيل من ورطتها الكبرى بعد فشل عدوانها على غزة، ومحاولة غسل الوجه الغربي الملطخ بدماء الأطفال والنساء، وتثبيت مشروع تصفية القضية الفلسطينية باسم الدولة، والسيادة، والسلام!
نستعرض هذا التجميل المزيف فى النقاط التالية:
أولًا: الغرب شريك مباشر في الجريمة.. ثم يتقمص دور “المنقذ”.
منذ 7 أكتوبر 2023، وقف الغرب كله خلف الكيان الصهيوني في عدوانه الوحشي على غزة:
أمريكا زوّدت الاحتلال بالقنابل الذكية، وقفت سياسيًا وعسكريًا معه، ومنعت أي قرار لوقف إطلاق النار في مجلس الأمن أكثر من 5 مرات【الأمم المتحدة، مجلس الأمن، 2023】.
بريطانيا وألمانيا وفرنسا دعمت العدوان، وشاركت في تسليح إسرائيل، وقمعت المظاهرات المؤيدة لفلسطين على أراضيها【Amnesty International, 2024】.
الاتحاد الأوروبي صنّف المقاومة إرهابًا، وظل يطالب بنزع سلاحها بدلًا من وقف المجازر.
والآن، وبعد أن انكشف حجم الإجرام، وخرجت تقارير الأمم المتحدة تتحدث عن إبادة جماعية محتملة ( UN Human Right )، Council, March 2024)، يحاول الغرب التنصل من الجريمة بتقديم “حل الدولتين” كأنه إنقاذ للضحايا!
ثانيًا: “الدولة” المقترحة.. دولة بلا حياة، بلا سيادة، بلا مقاومة.
ما يُطرح اليوم من حلول غربية لا يُعيد شيئًا من الحقوق، بل يرسخ واقعًا مشوّهًا لدولة ميتة قبل أن تُولد. دولة بلا جيش ولا مقاومة: شرط الاعتراف هو “نبذ العنف” ونزع السلاح، أي القضاء على جوهر الصمود الفلسطيني. بلا سيادة على المعابر أو الأجواء أو الموارد: الدولة ستبقى محاصرة اقتصاديًا وجغرافيًا، وتعتمد في كل شيء على الاحتلال أو دول الجوار.لا عودة للاجئين: حق العودة يُستبعد تمامًا من الطرح، بل يُجرّم من يطالب به عمليًا.
بلا وحدة جغرافية أو سياسية: غزة معزولة عن الضفة، والقدس تُبتلع بالمستوطنات والتهويد.
“الدولة” هنا ليست دولة، بل فخ سياسي للقبول بالتصفية باسم الاستقلال.
ثالثًا: لماذا الآن؟ فشل إسرائيل يدفع الغرب للالتفاف.
السبب الحقيقي وراء الطرح الأوروبي المفاجئ، هو أن إسرائيل فشلت فشلًا ذريعًا في حربها على غزة:
لم تُسقط حماس، ولا استطاعت استعادة الأسرى، ولا سيطرت على غزة.
الخسائر البشرية والعسكرية للجيش الصهيوني فاقت كل التوقعات، أكثر من 650 جنديًا قُتلوا حسب تقديرات متعددة، ومئات الدبابات والمركبات دُمرت【Haaretz, IDF Reports, June 2024】.
المجتمع الإسرائيلي يعاني من الانهيار النفسي والاقتصادي والسياسي.
الاحتلال أصبح عبئًا سياسيًا وأخلاقيًا على الغرب، نتيجة الفظائع التي بثتها وسائل الإعلام، مثل قتل الأطفال، وتجويع السكان عمدًا، وتدمير البنية التحتية الصحية والإنسانية【Doctors Without Borders, May 2024】.
كل ذلك دفع الغرب لإيجاد مخرج يحفظ ماء الوجه، ويحمي “إسرائيل” من السقوط، ويمنع تصاعد الدعم الدولي للمقاومة، فجاء طرح “حل الدولتين” كأداة للتضليل والاحتواء.
رابعًا: الدولة ليست حلًا.. بل خنق جديد للمقاومة.
الدولة الفلسطينية بنسختها الغربية ليست مشروع استقلال، بل تحويل غزة إلى كيان إداري خاضع للتمويل الخارجي والإشراف الأمني الإسرائيلي.
استبدال المقاومة بمليشيات أمنية وظيفية تُشرف عليها الأجهزة الأوروبية والعربية (كما حدث في أوسلو وبعدها).
فرض مسار “إعادة الإعمار مقابل التخلي عن السلاح”، وتفريغ الانتصار الرمزي للمقاومة من مضمونه.
إن هذا الحل المفروض، هو في الحقيقة سقف نهائي للتنازل عن فلسطين، وتكريس لنكبة سياسية تحت عباءة الشرعية الدولية.
ختاما: المقاومة أجهضت المشروع بالسلاح.. فلنجهضه بالوعي
لقد أفشلت غزة بالصمود والدم كل رهانات الكيان على الحسم العسكري، واليوم يريد الغرب أن ينجح بالسياسة ما فشل بالقنابل.
فواجب الأمة اليوم أن تُدرك أن هذه العروض ليست “إنقاذًا لغزة”، بل محاولة لإعادة تدوير الاحتلال، وتحويل المشروع الصهيوني إلى واقع لا رجعة عنه، تحت لافتة “حل الدولتين”.
إن فلسطين لا تتحرر بالقرارات الأممية ولا بالتصريحات الدبلوماسية، بل بالمقاومة والوعي والرباط، و”حل الدولتين” في هذا السياق ليس حلًا، بل كمينًا سياسيًا يجب فضحه ورفضه.
مصادر موثقة:
1. UN Human Rights Council, “Preliminary Findings on Gaza Conflict”, March 2024.
2. Amnesty International, “Europe’s Complicity in Gaza”, January 2024.
3. Haaretz, “Casualties in Gaza War Mount as IDF Struggles to Contain Resistance”, June 2024.
4. Doctors Without Borders, “Gaza’s Health System Collapse”, May 2024.
5. Al Jazeera, “Why Western Leaders are Suddenly Talking about Two-State Solution?”, July 2024.
6. The Guardian, “European Parliament Vote on Palestine: Symbolism or Shift?”, May 2024.