الجزائرالمغرب العربي

الجزائر والولايات المتحدة على أعتاب شراكة استراتيجية جديدة بدفع من إدارة ترامب

تشهد العلاقات بين الجزائر والولايات المتحدة الأمريكية حراكًا لافتًا ونشاطًا دبلوماسيًا متصاعدًا منذ انتخاب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مطلع نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، وسط مؤشرات قوية على الانتقال إلى شراكة استراتيجية جديدة متعددة الأوجه.

زيارة مستشار ترامب تعزز المسار الجديد

شهدت العاصمة الجزائرية مؤخرًا زيارة رسمية لكبير مستشاري الرئيس الأمريكي للشؤون العربية والإفريقية مسعد بولس، استمرت يومين، وشكّلت علامة فارقة في مسار العلاقات الثنائية.
وأجرى بولس لقاءات مع عدد من كبار المسؤولين الجزائريين، بينهم وزير الخارجية أحمد عطاف، والرئيس عبد المجيد تبون، ووزير الطاقة والمناجم محمد عرقاب.

وعبّر بولس عن “إعجابه الكبير بالتجربة الجزائرية”، مؤكّدًا التزام بلاده بتوسيع التعاون في مجالات الأمن، الاقتصاد، التجارة، الطاقة، والمناجم، إضافة إلى دعم جهود الاستقرار الإقليمي.

تعاون زراعي غير مسبوق: مشروع “بلدنا” نموذجًا

عقب الزيارة مباشرة، أعلنت السفارة الأمريكية عن إطلاق “فصل جديد في التعاون الزراعي”، عبر انضمامها إلى مشروع بلدنا الزراعي المشترك بين الجزائر وقطر، الذي تبلغ قيمته 3.5 مليارات دولار، ويهدف لإنتاج الحليب المجفف، الألبان، اللحوم على مساحة تتجاوز 218 ألف هكتار في جنوب الجزائر.

تطور غير مسبوق في العلاقات الثنائية

هذا الحراك يأتي بعد فترة من الهدوء النسبي في العلاقات خلال عهدتي ترامب الأولى وبايدن، إذ اتسمت المرحلة السابقة بالحذر، خصوصًا بعد اعتراف إدارة ترامب السابقة بسيادة المغرب على الصحراء الغربية، وهو ما يتعارض مع الموقف الجزائري الداعم لجبهة البوليساريو.

غير أن الزيارة الأخيرة وما تبعها من خطوات تشير إلى تحول استراتيجي في رؤية واشنطن تجاه الجزائر، خاصة في ظل رغبة أمريكية واضحة في تقليص نفوذ موسكو بالمنطقة.

الجزائر تؤكد على عقيدة “عدم الانحياز”

رغم التقارب الواضح، شدد الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون على تمسك بلاده بسياسة “عدم الانحياز”، مؤكّدًا أن الجزائر تريد علاقات متوازنة مع واشنطن، موسكو، وبكين، ولا ترهن تحالفاتها لأي محور دولي.

وقال تبون إن الجزائر تتطلع إلى علاقات مفيدة ومفتوحة مع الجميع، مستذكرًا دعم الولايات المتحدة للثورة الجزائرية، وإسهامها المبكر في إدخال القضية الجزائرية إلى الأمم المتحدة.

شراكة متعددة المسارات: أمن، اقتصاد، طاقة، مناجم

يرى مراقبون أن براغماتية إدارة ترامب الحالية والنظرة الجديدة للجزائر قد فتحت الباب أمام شراكة شاملة، تشمل:

  • الأمن الإقليمي ومكافحة الإرهاب
  • الطاقة التقليدية والمتجددة
  • المناجم، وخاصة الأتربة النادرة
  • الصناعات التحويلية والدوائية
  • الزراعة واقتصاد المعرفة

كما يُتوقع أن تسهم هذه الخطوات في تنشيط المبادلات التجارية رغم أن الولايات المتحدة لا تُعد شريكًا تجاريًا رئيسيًا للجزائر حتى الآن.

تحديات وفرص: نحو تعاون تجاري أوسع

يتخوّف خبراء من الرسوم الجمركية التي تعتزم الإدارة الأمريكية فرضها على الجزائر بنسبة 30% بداية أغسطس المقبل، لكنهم يرون فيها فرصة للتفاوض وتعزيز التعاون التجاري في ضوء التفاهمات التي قد تكون أُبرمت خلال زيارة بولس.

ويؤكد اقتصاديون أن الوجود الأمريكي بدأ يتعزز في القطاعات الاستراتيجية التي تضعها الجزائر في صميم خطتها لتوسيع الاقتصاد خارج قطاع المحروقات.

نحو مرحلة جديدة من التعاون

يرى المختص في العلاقات الدولية علي ربيج، أن الجزائر وأمريكا تسيران نحو مرحلة جديدة من التعاون، مبنية على الثقة والوضوح وتوسيع المجالات.

فيما اعتبر الخبير الاقتصادي عبد الرحمان هادف أن ما يحدث هو انعكاس لتطابق مصالح ورؤية مستقبلية مشتركة، خصوصًا في ملف الطاقات المتجددة، المناجم، والزراعة الحديثة.

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى