مقالات وآراء

د.محمد عماد صابر يكتب: مياه النيل في طريقها إلى إسرائيل.. مؤامرة القرن تتكشف!

لم تكن الحرب على غزة منذ 7 أكتوبر 2023 مجرد مواجهة عسكرية، بل جزءًا من مشهد إقليمي أعقد، تقوده أمريكا والكيان الصهيوني ضمن خطة للسيطرة على موارد المنطقة، وعلى رأسها مياه النيل.
واليوم، تعود معشاريع قديمة– رفضتها مصر في القرن الماضي– بثوب “الإنسانية والتحلية”، بينما تتحول الإمارات إلى قناة تنفيذ، ومصر إلى ممر سياسي وصامت.
باختصار؛ من هرتزل إلى تحلية الإمارات، مؤامرة القرن تتكشف.


الأمر جد خطير يمكن أن نتناوله من كافة جوانبه على النحو التالي:

أولًا: هرتزل وزيارة مصر– الجذور الصهيونية للمطامع المائية.
عام 1903، زار ثيودور هرتزل القاهرة لمقابلة اللورد كرومر والمندوب السامي البريطاني، واقترح مشروعًا لاستيطان اليهود في سيناء (العريش)، على أن تُنقل إليهم مياه النيل لجعل الأرض صالحة للزراعة.
( المصدر: بوابة الأهرام – مقال “هرتزل ومستوطنة سيناء” )
‏https://gate.ahram.org.eg/daily/News/204664/4/920090

رفضت الحكومة المصرية حينها المشروع بعد تقرير اللجنة الفنية المصرية- البريطانية التي أكدت أن “نقل المياه إلى العريش سيضر بالأمن المائي لمصر”.
(المصدر: اليوم السابع – مقال سعيد الشحات: “ذات يوم..23 مارس 1903”)
‏https://www.youm7.com/story/2024/3/23/6520576

كتب هرتزل في يومياته عقب الرفض: “المشروع سيخيب بسبب النقص الكبير في المياه”.
( المصدر: نفس المرجع)

ثانيًا: من الحلم إلى المخطط: إسرائيل والمياه كأداة استراتيجية
قال شمعون بيريز في كتابه الشرق الأوسط الجديد (1993): “المياه يجب أن تتحول إلى سلعة اقتصادية، لا يمكن لدولة أن تحتكرها بحكم الجغرافيا.”
( المصدر: كتاب “الشرق الأوسط الجديد”، شمعون بيريز، الفصل الخامس ).
وطالما اعتبر الصهاينة أن حدود دولتهم الكبرى هي: “من النيل إلى الفرات”، واستخدمت هذه العبارة حتى في الشعار الرسمي لخرائط حزب الليكود سابقًا.
( المصدر: مؤسسة الدراسات الفلسطينية – أرشيف الخرائط الصهيونية)

ثالثًا: سد النهضة– المؤامرة البديلة.
في عام 2015، وقع عبد الفتاح السيسي على “اتفاق إعلان المبادئ” مع إثيوبيا والسودان، مما اعتُبر اعترافًا بشرعية السد.
(المصدر: BBC عربي – تحليل اتفاق المبادئ)
‏https://www.bbc.com/arabic/middleeast/2015/03/150323_egypt_ethiopia_nile_agreement
تقارير صحفية أكدت دعمًا تقنيًا إسرائيليًا للسد، من خلال شركات مثل “AGT” المتخصصة في الأمن والسدود.
( المصدر: صحيفة هآرتس الإسرائيلية – أكتوبر 2013).
وحذرت مراكز بحث أمريكية من أن: “إسرائيل تسعى لخلق أداة دائمة للضغط على مصر عبر المياه، كما تفعل تركيا مع العراق.”
( المصدر: مركز ستراتفور – تقرير عام 2016).

رابعًا: الإمارات اليوم– “شريان مياه” من سيناء إلى غزة.
في يوليو 2025، بدأت الإمارات تنفيذ مشروع لنقل المياه المحلاة إلى غزة عبر أنبوب بطول 6.7 كيلومتر من الحدود المصرية إلى داخل القطاع، بقطر 315 ملم، يخدم قرابة 600 ألف نازح في منطقة رفح وخان يونس.
( المصدر: وكالة Agênzia Nova– الإيطالية)
‏https://www.agenzianova.com/ar/news/الإمارات-تطلق-مشروعا-كبيرا-لتوصيل-المياه-المحلاة-إلى-غزة/
ذكرت الوكالة أن إسرائيل وافقت رسميًا على المشروع، وسمحت بدخول المعدات عبر معبر كرم أبو سالم.
( المصدر: نفس المرجع).
وأكدت وكالة الأناضول التركية أن المشروع يُنفذ بغطاء إنساني، لكن بتمويل وإشراف إماراتي، وبموافقة أمنية إسرائيلية صارمة، دون أي بيان مصري رسمي واضح حتى الآن.
( المصدر: وكالة الأناضول – 22 يوليو 2025 )
‏https://www.aa.com.tr/ar/إسرائيل/بنية-مائية-من-مصر-إلى-غزة-بموافقة-إسرائيلية/3643472

خامسًا: أين كانت تشرب غزة قبل الحرب؟.
تعتمد غزة على المياه الجوفية بنسبة 90%، ومعظمها ملوثة بنسبة تتجاوز 95% حسب تقارير الأمم المتحدة.
(المصدر: تقارير الأونروا – 2022).
إسرائيل تزود غزة بـ 10 مليون متر مكعب سنويًا من المياه فقط، وهو أقل من الحد الأدنى العالمي.
( المصدر: B’Tselem – المركز الإسرائيلي لحقوق الإنسان)
‏https://www.btselem.org/gaza_strip

سادسًا: هل تلعب مصر دورًا خفيًا في إدارة غزة لصالح الكيان؟.


دخول المشروع من الأراضي المصرية، مع سكوت رسمي، يوحي بـ تواطؤ صامت أو على الأقل تفويض ضمني.
بعض التحليلات ترى أن إدارة المياه والكهرباء عبر سيناء جزء من صفقة “ما بعد حماس”، حيث تدير مصر القطاع لوجستيًا، في حين تضمن إسرائيل الأمن.
( المصدر: تحليل نمرود غورين – معهد متفيم، إسرائيل، 2024).
تنقل صحف مثل “جيروزاليم بوست” و“تايمز أوف إسرائيل” أن إسرائيل تبحث عن طرف “محلي أو إقليمي” لإدارة البنية الإنسانية في غزة، ومصر مرشحة محتملة.
(المصدر: The Times of Israel – مايو 2024)

سابعًا: تحليل استراتيجي – ماذا تعني هذه الخطوة؟.

الإمارات: قناة تنفيذ لصالح واشنطن وتل أبيب، تسعى لتوسيع نفوذها في غزة تحت غطاء المساعدات

إسرائيل: تُحكِم سيطرتها على غزة دون وجودها العسكري المباشر، عبر التحكم في الماء والغذاء.

مصر: ممر سياسي، وقد تُدفع إلى إدارة لوجستية تُحقق أمن الكيان بدعوى “تخفيف الأعباء”.

الشعب الفلسطيني: يتحول إلى رهينة مشاريع إقليمية بغطاء إنساني ولكن أهدافها استعمارية واضحة.

ختامًا: “من الحلم إلى الخطر”
إن مشروع توصيل المياه من سيناء إلى غزة– ولو باسم التحلية والمساعدة– ليس مبادرة بريئة، بل حلقة متصلة بمشروع قديم يمتد من هرتزل إلى سد النهضة، فالإمارات اليوم.
ومع سكوت مصر، وخضوع بعض الأنظمة، تتحول مياه النيل من شريان حياة للمصريين، إلى شريان سياسي يُغذي الكيان الصهيوني بخبث.

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى