مقالات وآراء

هلال عبد الحميد يكتب: طرق المؤجرين والمستأجرين لمواجهة قانون الإيجارات القديمة



ظللت لسنوات طوال أصيغ مشرعات القوانين وأقدم تعديلات عليها لعدد من أحزاب المعارضة ونوابها، وقدمت لبعض نواب المعارضة تعديلات متعددة على مشروع الحكومة، لجعله أكثر دستورية وعدلًا، ولكنها رفضت جميعًا وسارت الحكومة في طريقها فأصرت على موافقة محلس النواب عليه.


واطرح هنا طريقة اعتراض المستأجرين على القانون إن أصدر ونُشر، والطرق المتاحة أمام المؤجرين إن لم يوقعه الرئيس، ولم ينُشر بالجريدة الرسمية.

ومع اعتراض ٢٥ عضوًا وموافقة الأغلبية الميكانيكية لأحزاب الموالاة أقر مجلس النواب بجلسته العامة ٢ يوليو مشروع قانون تعديل قانون الإيجارات القديمة.
ارسل مجلس النواب -حسب تصريحات رئيس لجنة الإدارة المحلية – مشروع القانون لرئيس الجمهورية في ١٢ من يوليو الجاري،وبالطبع يكون من حق رئيس الجمهورية التوقيع عليه أو رفضه، أو رفض بعض مواده وإعادته للمجلس خلال ٣٠ يومًا من إرسال المجلس للمشروع له ، الذي يصبح من حقه -المجلس -قبول التعديلات أو الإصرار على مشروعه الأصلي ،

وبذلك تكون المدة الدستورية الممنوحة للرئيس حسب المادة ١٢٣ من الدستور وهي ٣٠ يومًا تنتهي في ١١ أغسطس ٢٠٢٥.
خلال الفترة من ١٢ يونيو لـ ١١ أغسطس يكون من حق الرئيس التوقيع وإرسال المشروع للجريدة الرسمية لنشره أو الاعتراض على بعض المواد أو على المشروع كله وإعادة المشروع لمجلس النواب بتعديلاته التي يراها، فإما أن يستجيب المجلس للتعديلات، أو يرفضها بأغلبية الثلثين فيصدر المشروع ويُرسل للجريدة لنشره.

ماذا إن لم يعترض الرئيس ولم يوقع ؟!

إن لم تنته الـ ٣٠ يومًا التي نصت عليها المادة ١٢٣ من الدستور ولم يعترض الرئيس،ووقع وارسل القانون للهيئة العامة للمطابع الأميرية لنشره خلال ١٥ يومًا من تاريخ إصداره -توقيع الرئيس أو عدم توقيعه خلال ٣٠ يومًا من تاريخ إرسال المشروع له من مجلس النواب – ونُشر أصبح قانونًا ويعمل به بعد ٣٠ يومًا من تاريخ نشره إلا إذا تضمن القانون موعدًا آخر لسريان مفعوله، وقد نصت المادة (١٠) من المشروع على: (ينشر هذا القانون في الجريدة الرسمية، ويعمل به من اليوم التالي لتاريخ نشره)!

3 مسارات

فإذا مرت الـ ٣٠ يومًا ولم يوقع الرئيس، ولم يعترض،فالمشروع يصبح قانونًا، ولكنه لن ينفذ إلا بعد نشره بالحريدة الرسمية كما نصت المادة (٢٢٥) من الدستور.
فماذا إن لم يُنشر القانون بالجريدة الرسمية؟!
إذا لم يُنشر القانون بالجريدة الرسمية فلن يكون نافذًا،وسيكون ذلك في صالح المستأجرين، ويكون مجلس النواب قد نفذ حكم المحكمة الدستورية العليا الصادر في ٩ نوفمبر ٢٠٢٤ والقاضي بعدم دستورية الفقرة الأولى من المادتين رقمي (١) و(٢) من القانون ١٣٦ لسنة ١٩٨١ في شأن بعض الأحكام الخاصة بتأجير الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر فيما تضمناه من ثبات الأجرة في الأماكن المرخص بها لغرض السكنى
وتكون الحكومة مالت لصالح الملاك بتزيدها بطرد المستأجرين خلافًا لأحكام عدة للمحكمة الدستورية

وبعدم توقيعه وعدم رده للمشروع والايعاز لهيئة المطابع الأميرية بعدم نشره، يكون قد أعطى فرصة لالتقاط الانفاس وتخفيف حدة الاحتقان المتراكم ونزع فتيل أزمة قد تؤدي لما لا يحمد عقباه.
وستكون هناك ٣ مسارات للتعامل مع هذا الوضع أمأم الملاك
1- التوفق مع بعض المستأجرين على تحريك الأجرة بشكل معقول ومتدرج وبالتراضي.
2- لجوء المؤجرين -مؤجرًا مؤجرًا – لمحكمة الموضوع لرفع قضايا بتحريك الايجار كما نصت الدستورية العليا،وستنشغل المحاكم بعشرات أو مئات الآلاف من القضايا، التي ستمكث عدة سنوات وتحتاج لخبراء( عدد الأسر التي تسكن في وحدات ايجار بديم حسب إحصاء الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في ٢٠١٧ بلغ ١،٦٤٢،٨٧٠ مليون أسرة وبلغ عدد أفرد هذه الأسر ٦،١٣٣،٥٧٠ فرد.
وسيدفع دفاع المستأجرين بعدم تنفيذ حكم المحكمة الدستورية وبعدم الغاء القانون الخاص بالايجارت القديمة رقم ١٣٦ لسنة ١٩٨١ وبأنه عينه هو مناط إصدار الأحكام دون سواه، وستكون هناك أحكام متضاربة، وسيلجأ المتقاضون، لمحاكم الاستئناف، ونتيجة لتضارب كل هذه الأحكام سيلجأ الكثيرون من المضارين من هذه الأحكام-سواء مؤجرين أو مستأجرين – لمحكمة النقص مطالبين بتوحيد المباديء نظرًا لتضارب الأحكام، ومع تواتر الأحكام المتضاربة من دوائر مختلفة، سيكون أمام محكمة النقض دعاوى متعددة ومتناقضة الأحكام مع وحدة المحل والسبب في كل هذه القضايا فتنعقد الهيئة العامة لمحكمة النقض لتوحيد المبادي، وإن صدر إقرارها بتوحيد المباديء يعود المستفيدون لمحاكم الموضوع لتقديم التماسهم بإعادة النظر أمام دائرة آخرى اعتمادا على ما أصدرته دائرة توحيد المبادي.
3- لجوء المؤجرين لمحكمة القضاء الإداري لاختصام كل من: رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء ووزير العدل، ورئيس مجلس إدارة الهيئة العامة لشئون المطابع الأميرية بصفتهم جميعًا، للمطالبة بإلغاء القرار السلبي بعدم نشر القانون بالجريدة الرسمية، والحكم بنشره وتنفيذه .

كل هذه الإجراءات ستستمر سنوات طويلة، وستأخذ تعقيدات طويلة، ولكنها ستجمد حتمًا القانون إن مضت الـ ٣٠ يومًا ولم يعترض الرئيس ولم يوقع، ولم ينشر القانون في الجريدة الرسمية

أما وإن وقع الرئيس، ونشر القانون فسيكون في صالح المؤجرين، وسيكون أمام المستأجرين الرجوع للدستورية العليا في دعوى منازعة تنفيذ خاصة وإن مشروع القانون-هو مشروع حتى مرور الثلاثين يومًا- يتعارض مع أحكام صادرة من الدستورية بامتداد العقد ليس فقط للمستأجر الأصيل، بل لبعض ورثته، مما يجعل المادة (٢) التي تنهي عقود الايجار اجبارًا متصادمة مع أحكام الدستورية، وخاصة حكم الدستورية رقم ٧٠ لسنة ٨ قضائية في ٣ نوفمبر ٢٠٠٢، والذي قضت فيه الدستورية بامتداد عقد الايجار قانونًا ليستقيد منه المستأجر الأصلي وفقًا لحكم المادة (١٨) من القانون ( ١٣٦) لسنة ١٩٨١ وللورثة المقيمين معه كالأولاد والزوج والزوجة والوالدين وفقًا للفقرة الأولى من المادة (٢٩) من القانون (٤٩) لسنة ١٩٧٧

ومن وجهة نظري، ولفهمي لطبيعة تفكير وتوجهات رئيس الجمهورية، ولما دار في جلسة ٢ يوليو والتي توقع الجميع ان الحكومة ستجرى تعديلات على المشروع وخاصة في مادته الثانية بعدما لام رئيس المجلس على الحكومة لعدم امتلاكها معلومات، ولبهجة النواب وفرحهم وتصفيقهم وقوفًا لموقف رئيسهم، وهتفوا كالعادة ( تحيا مصر ) ٣ مرات، ثم إصرار الحكومة في اليوم التالي على مشروعها دون تغيير حرف واحد وتصفيق نواب الأغلبية لهذا الإصرار مما يُنبيء بأن جهات عليا غيرت المواقف، فإنني أتوقع أن رئيس الجمهورية سيوقع على مشروع القانون وسيصدره قبل انتهاء المدة القانونية في ١١ أغسطس ٢٠٢٥، وينشر في الجريدة الرسمية وسينفذ في اليوم التالي لنشرة كما نصت المادة (١٠) منه ،خاصة وأن الحكومة كما صرحت تعد الائحة التنفيذية للقانون حتى قبل إصداره، على المستأجرين الاستعداد لمواجهة هذا الطوفان، الذي سيشرد ٧٪؜ من أسر مصر و٦،٥ ٪؜ من عدد مواطنيها.

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى