الجيش السوداني والقوات المتحالفة يصدّون هجومًا عنيفًا على مدينة الفاشر وسط حصار متواصل

تمكّن الجيش السوداني مدعومًا بالقوة المشتركة لحركات الكفاح المسلح والمقاومة الشعبية، ظهر الخميس، من صدّ هجوم واسع شنّته قوات الدعم السريع على مدينة الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور، في واحدة من أعنف المعارك منذ بدء الحصار المفروض على المدينة مطلع عام 2024.
وقالت مصادر عسكرية إن الهجوم بدأ عند الفجر بقصف مدفعي كثيف، أعقبه تحرك بري من المحاور الشمالية الشرقية والغربية، لكن القوات الحكومية تصدت للهجوم بـ”حرفية عالية”، وألحقت خسائر كبيرة بالمهاجمين شملت تدمير خمس آليات قتالية والاستيلاء على مركبة محملة بالذخائر والأسلحة الثقيلة.
وأوضح العقيد أحمد حسين مصطفى، المتحدث باسم القوة المشتركة لحركات الكفاح المسلح، أن الهجوم تم بالتنسيق مع ما يعرف بـ”قوات تحالف السودان التأسيسي”، مشيرًا إلى أن الوحدات الميدانية كانت تراقب التحركات منذ ليلة الأربعاء، وأحبطت الهجوم قبل أن يحقق أي اختراق داخل المدينة.
مدنيون تحت النار
رغم فشل قوات الدعم السريع في تحقيق أي تقدم، إلا أن القصف العشوائي أدى إلى مقتل وجرح عدد من المدنيين في أحياء وسوق أبو شوك، بما في ذلك مخيم النازحين، في وقت تم فيه تدمير منازل ومحال تجارية ومرافق خدمية حيوية.
وذكر شهود عيان أن امرأة في العشرينيات لقيت مصرعها، وأصيب ثلاثة آخرون في حي أبو شوك، نتيجة تساقط القذائف، بينما كانت العائلات تبحث عن الغذاء والماء وسط دمار السوق الوحيد الذي يعمل جزئيا في المدينة المحاصرة.
شلل دبلوماسي وتصعيد ميداني
ويأتي هذا التصعيد الميداني عقب تعثّر المسار الدبلوماسي، بعد إلغاء اجتماع اللجنة الرباعية (الولايات المتحدة، السعودية، مصر، الإمارات) في واشنطن، بسبب تباين الرؤى حول سبل حل الأزمة السودانية، وهو ما دفع قوات الدعم السريع لتكثيف تحركاتها العسكرية، وفق مراقبين محليين.
مجاعة ومعاناة
وتعيش الفاشر وضعا إنسانيا كارثيا منذ إبريل/نيسان الماضي، وسط انقطاع شبه تام في الإمدادات الغذائية والطبية، حيث يعتمد بعض السكان على “الأمباز” (علف الحيوانات) لسدّ رمقهم، في ظل غياب الدعم الإغاثي وفشل المجتمع الدولي في كسر الحصار.
وقالت فاطمة مكي، إحدى المقيمات في حي الرديف: “نُطعم أطفالنا الأمباز كما لو أنه طعام بشري… لا دواء، لا غذاء، وحتى المياه نبحث عنها لساعات. نحن نموت بصمت”.
تحول ميداني أم انتكاسة مؤجلة؟
يرى محللون أن النجاح الأخير في صدّ الهجوم يمثل تحولا نوعيا في تكتيك الجيش والقوى المتحالفة معه داخل الفاشر، وقد يكون بداية لإعادة ترتيب خارطة السيطرة في الإقليم.
لكنّ ناشطين محليين حذّروا من أن الانتصار العسكري، دون تحرّك فعّال لفك الحصار، لن يغيّر الواقع المأساوي في المدينة، مطالبين بتحرك عسكري واسع من شمال البلاد نحو دارفور لفك الطوق المفروض على الفاشر وإنهاء الكارثة الإنسانية المتصاعدة.