مقالات وآراء

د. محمـد بالروين يكتب : غطرسـة القوة والموجات الثلاث للغطرسة الأمريكية (1 من 3)

أولًا: مفهوم ومكونات الغطرسة

1. المفهوم

الغطرسة (Arrogance)، كمفهوم عام، تعني التكبر والغرور والترفع على الآخرين، وتقود إلى التباهي واللامبالاة والابتزاز والاستعلاء، والنتيجة النهائية الحتمية هي التفكك والانهيار.

بمعنى آخر، المتغطرس دائمًا يحاول:

  • أ. استعراض كبريائه الزائد عن الحد والاعتقاد بأنه فوق القانون.
  • ب. إظهار احتقاره واستخفافه بآراء كل من هو أدنى منه.
  • ت. المبالغة في أهميته وقدراته ومعرفته.
  • جـ. الاعتقاد بأنه لا يخطئ ويعرف كل شيء.
  • د. تضخيم ذاته وقيمة “الأنَا”.
  • هـ. عدم شعوره بالندم، ولا يدرك أن سلوكه مشكلة.

2. الركائز

المقصود بالركائز هنا هو “الدعائم” أو “الأسس” أو “العناصر الأساسية” التي تتكوّن منها “ظاهرة الغطرسة”. ولعل من أهم هذه الركائز الآتي:

  1. الأحقية – يعتقد المتغطرس أن قوته تمنحه الحق في التدخل في شؤون الآخرين.
  2. الفوقية – يرفض المتغطرس التعلم من الآخرين، ويدّعي دائمًا العلو والارتفاع.
  3. الأولوية – يعطي المتغطرس الأولوية لأفكاره ومقترحاته ويفضلها على غيرها.
  4. الدونية – يحاول المتغطرس دائمًا وضع الآخرين في مرتبة (أو درجة) أقل منه.
  5. الاستهزاء – يسخر من كل ما هو حوله ويهين الآخرين ويستفزهم.
  6. الابتزاز – يسعى للحصول على أكبر حصة من الآخرين دون مقابل.
  7. الوحشية – يتصرف بقوة خشنة وقسوة مفرطة ودناءة متعمّدة.
  8. الوهم – لديه شعور خيالي مبالغ فيه وتكوين أفكار غير واقعية.
  9. الخوف – شعور دائم بعدم الأمن والذعر وعدم الاستقرار.
  10. العزلة – يفضل الانعزال والابتعاد عن الناس.

3. الأدوات

للغطرسة أدوات عديدة يمكن استخدامها لتحقيق أهدافها، ومن أهمها:

أولًا: التجهيل

الأداة الرئيسية الأولى لغطرسة القوة هي “التجهيل”.

والمقصود هنا ليس الجهل المرتبط بعدم القدرة على القراءة والكتابة، بل الصناعة الممنهجة للجهل، أي تربية شخص:

  • يتكلم قبل أن يسمع،
  • يتكلم كثيرًا ولا يقول شيئًا مفيدًا،
  • يعارض قبل أن يفهم،
  • يحكم على كل ما لا يعلم.

وهذا ما يُنتج شخصًا “مزيفًا” و”مدعيًا” يتظاهر بأنه متعلم وخبير وهو في الحقيقة غارق في الجهل والوهم.

من أخطر أدوات التجهيل الحديثة اليوم:
“صناعة المحتوى”، التي لا تتعدى كونها تغليفًا زائفًا للحقائق لتسويق أنصافها وفقًا لرغبة “المخرج”.

“نصف الحقيقة… أخطر من كذبة كاملة.”

الهدف النهائي: تحويل الإنسان المتلقي من شخص مفكر إلى “مُبرمج”، مجرد نسخة متكررة، يُقاس وعيه بكمية ما يستهلكه من منتجات “تشات ج.ب.ت”، و”ميتا”، و”قوقل”، وغيرها.

ثانيًا: القوة

الأداة الثانية للغطرسة هي القوة، بجميع أدواتها:

  • الدبلوماسية،
  • الإعلامية،
  • العسكرية،
  • الاقتصادية،
  • المالية،
  • الاستخباراتية.

الحاكم القوي يتغطرس لأنه يشعر أن قوته تمنحه الحق في التدخل في شؤون الأضعف.

ثالثًا: البلطجة

الأداة الثالثة هي البلطجة، أو “التنمر”:

  • سلوك عدائي متكرر ضد الآخرين،
  • محاولة إيذاء الضعفاء عمدًا،
  • استخدام كلمات وسلوكيات تهدف للتهديد والإذلال.

ومن سمات المتنمر:

  1. سرعة إلقاء اللوم على الآخرين،
  2. الافتقار للتعاطف،
  3. عدم تحمل المسؤولية.

الخلاصة

باختصار شديد، يمكن القول إن “الغطرسة” نزعة إنسانية موجودة في كل إنسان، وترتبط بمقدار ما يملكه من مال وقوة وثروة.

“كلا إن الإنسان ليطغى أن رآه استغنى” – العلق، 6.

كلما استغنى الإنسان، طغى وغطرس.

لذا، يجب قياس “درجة الغطرسة” التي يمارسها السياسيون، من خلال استطلاعات رأي ومؤشرات علمية، مثل:

مؤشرات تقييم درجة الغطرسة

الرقمالمؤشرالسؤالدرجة الغطرسة (1–10)
1التجهيلهل السياسي يمارس سياسات التجهيل؟
2الأحقيةهل السياسي يدّعي الأحقية في كل شيء؟
3الاستعلاءهل السياسي يمارس الاستعلاء؟
4اللامبالاةهل السياسي غير مبالٍ بمن حوله؟
5التباهيهل السياسي يتباهى بما لديه؟
6الفوقيةهل السياسي يمارس أساليب العلو والترفع؟
7البلطجةهل السياسي يمارس أساليب البلطجة؟
8الابتزازهل السياسي يمارس أساليب الابتزاز؟
9الدونيةهل السياسي يحتقر من حوله؟
10العزلةهل السياسي يحب العزلة والحماية؟

مجموع درجة الغطرسة (من 100 درجة): ………

الاسم: ………………………………………
المنصب: ……………………………………

في الجزء الثاني من هذا المقال…

سأحاول تطبيق مفهوم وأدوات غطرسة القوة على السياسة الخارجية للولايات المتحدة الأمريكية،
منذ 1961 إلى الآن، وتأثيرها على المجتمع الدولي.

يتبع…

والله المستعان.

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى