ملفات وتقارير

كيف لعبت السعودية دورا في خلق مسارات جديدة في العلاقات بين لبنان وسوريا؟

لعبت السعودية، خلال الأشهر الماضية، دوراً محورياً كوسيط لحل أزمة ضبط الأمن على الحدود اللبنانية السورية، بعد اندلاع اشتباكات دامية في مارس 2025 بين القوات السورية ومسلحين من “حزب الله”، إثر اختطاف وقتل ثلاثة جنود سوريين داخل الأراضي اللبنانية.

وعقب ذلك رعى وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان آل سعود اجتماعاً بين نظيره السوري مرهف أبو قصرة واللبناني ميشال منسي، في جدة، انتهى بالاتفاق على الشروع في ترسيم الحدود المشتركة وتشكيل لجان متخصصة لمعالجة الملفات العالقة بين البلدين.

كما شدد نص الاتفاق حينها على أن المملكة ستواصل دعمها الكامل لأي خطوات تحفظ أمن واستقرار لبنان وسوريا، كما اتفق الجانبان على عقد اجتماعات متابعة في السعودية لتقييم التنفيذ ومراجعة التقدم المحرز.

الرئيس اللبناني جوزيف عون وخلال خطابه بمناسبة عيد الجيش (31 يوليو 2025)، كشف عن وجود مبادرة سعودية تهدف إلى المساعدة في استقرار الحدود بين لبنان وسوريا، في خطوة دبلوماسية لافتة لمعالجة أحد أبرز الملفات الأمنية في المنطقة.

كما أكد أن “المبادرة السعودية لم تكن خطوة عابرة، بل هي مسار متكامل يشمل آلية دولية تضم فرنسا والولايات المتحدة والأمم المتحدة، ويهدف إلى تثبيت الحدود مع سوريا وضبط التحديات الأمنية”.

وقال أيضاً: “تلقينا مبادرة مشكورة من الإخوة السعوديين للمساعدة على تسريع الترتيبات الضرورية لاستقرار الحدود بين لبنان وسوريا”، مشيراً إلى حرص بلاده على بناء “علاقة ممتازة مع الجارة سوريا”.

وسبق أن أكد وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان، عقب “اجتماع جدة” في مارس الماضي، أن المملكة تتطلع لأن يكون الاتفاق بداية مرحلة جديدة في العلاقات بين البلدين، قائمة على التعاون والحوار، وأن يسهم في ضمان أمنهما واستقرارهما.

وشنت وزارة الدفاع السورية، في مارس الماضي، عملية عسكرية بهدف طرد قوات “حزب الله” من مواقع تمركزها على الحدود السورية اللبنانية، وخاصة في منطقة القصير بريف حمص الغربي، التي كانت سابقاً إحدى أبرز معاقل الحزب في سوريا قبل سقوط نظام بشار الأسد.

ويمثل الخط الحدودي بين لبنان وسوريا على امتداد مسافة تتراوح بين 330 و400 كم، معظمها غير مرسم رسمياً، تحدياً أمنياً كبيراً للبلدين.

فالغياب الطويل لترسيم الحدود جعل المنطقة بيئة خصبة للتهريب، خصوصاً تجارة المخدرات والسلاح، ولحركة المسلحين بين البلدين، حيث يهدف الاتفاق السعودي إلى معالجة هذه الثغرات من خلال لجان قانونية وفنية مشتركة.

مخرجات اجتماع جدة

كما أن مشاركة الأمم المتحدة وفرنسا والولايات المتحدة في المبادرة السعودية توفر مظلة أوسع تمنع انهيار التفاهمات حول مسألة ترسيم الحدود بين سوريا ولبنان.

جاء الاجتماع بين وزيري الدفاع في اجتماع جدة برعاية سعودية ضمن جهود دبلوماسية تهدف إلى التوصل إلى تفاهمات أمنية تقلل من خطر الاشتباكات الحدودية، وتحد من عمليات تهريب المخدرات، إضافة إلى تخفيف الأعباء الإنسانية الناجمة عن تدهور الأوضاع الأمنية

وأكدت السعودية في مؤتمر جده دعمها للجهود الثنائية بين البلدين لمعالجة الخلافات من خلال الحوار السياسي والدبلوماسي، مشددة على أهمية احترام سيادة البلدين واستقرارهما، والالتزام بمبادئ القانون الدولي، بما في ذلك حسن الجوار.

كما أشارت المملكة إلى أن التنسيق الأمني بين دمشق وبيروت، لا سيما في ما يتعلق بضبط الحدود، يعد خطوة مهمة نحو تعزيز الاستقرار الإقليمي، خاصة في ظل التحديات المشتركة التي تواجه البلدين، من ضمنها أنشطة التهريب عبر الحدود وتنامي نفوذ الجماعات المسلحة.

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى