تحقيق CIR يكشف: معسكر سري لقوات الدعم السريع في الصحراء الليبية وضلوعه في هجوم زمزم بدارفور

كشف تحقيق استقصائي جديد عن وجود معسكر عسكري لقوات الدعم السريع السودانية (RSF) في عمق الصحراء الليبية، يُستخدم لتخزين المعدات وتحضير الهجمات، وتم ربطه مباشرة بالاستيلاء العنيف على مخيم زمزم للنازحين في شمال دارفور خلال أبريل 2025.
التحقيق الذي أعده فريق Sudan Witness – ضمان السودان التابع لمركز CIR اعتمد على تحليل مئات مقاطع الفيديو وصور الأقمار الصناعية وأدلة ميدانية لتحديد الموقع بدقة وربطه بقيادات عليا في قوات الدعم السريع.
ظهور لقطات لقوافل عسكرية في الصحراء الليبية

بدأت القصة بانتشار مقاطع مصورة مطلع عام 2025، أظهرت قوافل ضخمة من مركبات الدعم السريع تمر في مناطق صحراوية مجهولة، بعضها مجهز بمدافع مضادة للطائرات وأسلحة ثقيلة، وأخرى تُظهر مئات الشاحنات مصطفة داخل معسكر يبدو مؤسسًا ومجهزًا.
مطابقة الأدلة الجغرافية عبر الأقمار الصناعية

رغم غياب العلامات المميزة في البيئة الصحراوية، استخدم المحققون أداة “الرخام الأسود” التابعة لوكالة ناسا لتتبع مصادر ضوء غير معتادة، ما أدى إلى تحديد نقطة مضيئة جديدة جنوب بلدة الجوف الليبية، تم تتبعها لاحقًا كأحد المواقع الرئيسية للمعسكر.
وبمقارنة التكوينات الصخرية مع خرائط آبل وصور بانورامية من مقاطع الفيديو، تأكد وجود المعسكر في منطقة الكفرة جنوب شرق ليبيا، التي توصف بأنها مركز محوري لحركة السلاح والبضائع عبر الحدود.
“السيارة 136” تربط ليبيا بشمال دارفور
استطاع فريق التحقيق تتبع مركبة محددة – أُطلق عليها “السيارة 136” – ظهرت أول مرة في معسكر الكفرة في يناير 2025، وتم رصدها لاحقًا داخل دارفور خلال أبريل من نفس العام وهي تشارك في الهجوم على مخيم زمزم. أُثبتت هوية المركبة عبر أرقام مرسومة، ونمط التمويه، وآثار الضرر على الزجاج والهيكل.
كما ظهر أحد المقاتلين بجانب هذه المركبة في عدة مواقع، مما سمح بتتبع تحركاته من ليبيا إلى السودان.
القائد حمدان الكاجلي في قلب العملية
كشف التحقيق أن القيادي البارز في قوات الدعم السريع حمدان الكاجلي، الذراع اليمنى لعبد الرحيم دقلو، كان حاضرًا في مواقع تصوير متعددة إلى جانب المركبة 136 والمقاتل المعروف بـ”Fighter A”، كما ظهر وهو يتحدث من داخل نفس السيارة لحظة دخولها مخيم زمزم في 11 أبريل قائلاً: “نحن هنا لتحرير زمزم… وسنحرر الفاشر والخرطوم وبورتسودان بعدها.”
تدمير مخيم زمزم وموجات نزوح كبرى
أظهرت صور الأقمار الصناعية احتراق أجزاء واسعة من مخيم زمزم للنازحين، بالتزامن مع دخول قوات الدعم السريع إلى المنطقة. وتشير تقارير الأمم المتحدة إلى مقتل أكثر من 300 شخص خلال أيام الهجوم، بين 11 و14 أبريل، وتوثيق انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان.
رُصدت البطانيات ذاتها التي ظهرت في المخيم الليبي في قوافل متجهة إلى دارفور ثم داخل مخيم زمزم، مما يعزز من خيوط الربط اللوجستي بين المعسكرات العابرة للحدود.
سلاح يتدفق… وغذاء مفقود
في الوقت الذي تكافح فيه المنظمات الإنسانية لإيصال الطعام والمساعدات إلى ملايين الجوعى في السودان، يشير التحقيق إلى حقيقة صادمة: المعدات العسكرية لا تواجه أي عراقيل في تدفقها عبر الحدود، في مقابل شح المساعدات الإنسانية.
وتصف الأمم المتحدة الوضع في السودان بأنه “أكبر أزمة إنسانية في العالم”، حيث يعاني نصف السكان – نحو 25 مليون شخص – من الجوع الحاد، بينما تتوسع رقعة النزوح والعنف.
المصدر الموقع الرسمي لمنظمة الأمم المتحدة